الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص418
الحق إذا لزمه فالمستحق عليه أداؤه لا نقله ، ألا ترى إنه إذا سئل نقل الحق إلى عين يعطها بدلا من الحق لم يلزمه وكذا لو سئل نقله إلى ذمة أخرى لم يلزمه .
ولأن الحقوق التي في الذمم قد تنتقل تارة إلى ذمة بالحوالة ، وتارة إلى عين بالمعاوضة ، فلما ثبت أن نقله إلى العين لا يلزم إلا بالتراضي ، فنقله إلى الذمة أولى ألا يلزم إلا بالتراضي ، لأنه بنقله إلى عين أخرى قد وصل إلى حقه وبنقله إلى ذمة أخرى لم يصل إلى حقه ، ولأن ما ثبت في الذمة قد يكون تارة سلما وتارة دينا فلما لم يلزم قبول الحوالة في السلم ، لم يلزم قبول الحوالة في الدين أما الخبر فمحمول على الإباحة لأنه وارد بعد حظر وهو نهيه عن بيع الدين بالدين .
استدلالا بأن من كان وجوده في الحوالة شرطا كان رضاه فيها شرطا كالمحيل والمحتال .
ولأن الدين قد يتعلق بالذمة أصلا وبالرهن فرعا ، فلما لم يكن لصاحب الدين أن يولى الرهن غيره فأولى ألا يكون له أن يولى الذمة غيره ولأنه ربما كان صاحب الدين أسهل اقتضاء وأسهل معاملة وأسمح قبضا ، فلا يرضى من عليه الدين بمعاملة غيره ، لأنه بخلاف معاملته ، فلذلك كان بقاء الدين بالحوالة موقوفا على قبوله ، ودليلنا إن من عليه الدين ، مملوك الذمة ، فلم يكن رضاه معتبرا في نقل الملك ، كبيع العبد المملوك ، ولأن بالحوالة يزول ملكه عن الدين كالإبراء . فلما لم يكن رضا المبرأ معتبرا في صحة البراءة ، لم يكن رضا المحال عليه معتبرا في صحة الحوالة ، ولأن مالك الدين مخير في استيفائه بنفسه وبغيره ، كالوكيل وكذلك بالمحتال .