الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص397
ليكون له شبر من عرض البناء ، والعرصة من الطول كله ، لم يجب إليها جبرا ، ولا يصح ذلك بينهما تراضيا واختيارا ، وإنما كان كذلك لأن ما يصير إلى كل واحد منهما من نصف العرض مضر به وبصاحبه .
لأنه إن أراد هدمه لم يقدر عليه إلا بهدم ما لشريكه أو شيء منه وإن أراد وضع شيء عليه ، وقع الثقل على ما لشريكه فأضر به .
فإن قيل : فهلا جاز ذلك بتراضيهما ؟ قيل إن تراضيا بهدمه في الحال والاقتسام بآلته جاز .
وإن تراضيا بقسمته بناء قائما ، وتحديد ما لكل واحد منهما متصلا لم يجز وإن لما ذكرنا من دخول الضرر فيما بعد .
وإن كان الطالب يدعو إلى قسمته طولا ، ليكون لكل واحد منهما نصفه طولا في العرض كله جازت بالتراضي .
وفي جواز الإجبار عليها وجهان :
أحدهما : وهو ظاهر قول أبي إسحاق المروزي ، لا يجاب إليها ولا يجبر الممتنع عليها لأنه قد لا يقدر على هدم النصف الذي صار له إلا بهدم شيء من نصف صاحبه فصارت ضررا عليهما .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة يجبره على هذه القسمة بالقرعة ، لأن الضرر على كل واحد منهما في هدم حصته يسير فلم يمنع من القسمة . ولأنه قد يمكن وله إزالة الضرر بقطع الحائط بينهما بالمنشار ، فلا ينهدم من حصة الآخر شيء .
قال الماوردي : وهذا كما قال . إذا هدم الشريكان حائطا بينهما ، ثم اصطلحا عند بنائه بمالهما أن يكون لأحدهما ثلثه ، وللآخر ثلثاه ، على أن يحمل كل واحد منهما عليه ما شاء من أجذاع وغيرها ، فهذا صلح باطل لثلاثة معان :
أحدها : أنه بذل بصلحه على الثلث بعد ملكه النصف سدسا بغير عوض . وبذل الملك في الصلح إذا كان عبثا بغير عوض لا يصح .