الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص360
فإن أجر نفسه فإن كان فيما هو مقصود من عمله مثل أن يكون صانعا وعمله مقصود في كسبه لم يصح ذلك منه وتولى الولي العقد عليه .
وإن كان غير مقصود مثل أن يؤجر نفسه في حج أو وكالة في عمل وليس عمله مقصودا في كسبه لاستغنائه بماله صحت الإجارة لأنه لما جاز أن يتطوع عن غيره بهذا العمل فأولى أن يجوز منه بعضو .
فلو مرض السفيه وأعتق في مرضه ثم مات فقد اختلف أصحابنا هل يغلب عليه حجر السفه أو حجر المرض على وجهين :
أحدهما : أنه يغلب حجر السفه لأنه أسبق ولأن حدوث ما يوجب الحجر لا يرفع حكم الحجر المتقدم فعلى هذا يكون عتقه باطلا .
والوجه الثاني : أن حجر المرض أغلب لأنها حال تستحق حفظ المال فيها للوارث . فعلى هذا يكون عتقه ماضيا في ثلثه كالمريض .
[ الأول ] : قسم يستقر وجوبه باختيار أربابه كالقرض ومهور الزوجات وأثمان المبيعات فهذا لا يضمنه وغرمه لا يلزمه .
[ الثاني ] وقسم يستقر وجوبه بلا اختيار أربابه كأروش الجنايات وقيم المتلفات فهذا يجب عليه ضمانه .
ويلزمه غرمه ؛ لأنه لما لزم ذلك الصبي والمجنون ، فأولى أن يجب على السفيه .
[ الثالث ] : قسم يكون السبب فيه باختيارهم وحصول الوجوب بغير اختيارهم كالوديعة إذا تلفت والعارية إذا استهلكت فلا يخلو تلف ذلك وهلاكه من أن يكون بفعل السفيه أو بغير فعله . فإن كان تلفه بغير فعله كان ضمانه هدرا وهو تالف من مال مالكه ، لأنه بتسليمه قد عرضه لهلاكه .
وإن كان تلفه بفعله بأن أتلف الوديعة التي أودعها أو استهلك العارية التي استعارها ففي وجوب غرم ذلك وجهان :
أحدهما : غرمه على السفيه واجب تغليبا لحكم الإتلاف لأنه بغير اختياره .
والوجه الثاني : لا غرم عليه تغليبا لحكم التسليم لأنه كان باختياره .