الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص344
فعلى هذا هل هو دلالة على بلوغ المسلمين أم لا على قولين :
أحدهما : أنه يكون دلالة على بلوغ المسلمين ، لأن ما تعلق به البلوغ لا فرق فيه بين المسلمين والمشركين .
والقول الثاني : أنه لا يكون دلالة على بلوغ المسلمين وإن كان دلالة على بلوغ المشركين والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أن المشرك تغلظ أحكامه ببلوغه كوجوب قتله وأخذ جزيته فانتفت عنه التهمة في معالجة الإنبات .
والمسلم تخفف أحكامه ببلوغه في فك حجره وثبوت ولايته وقبول شهادته فصار متهما في معالجة الإنبات .
والثاني : أن الضرورة دعت إلى جعل الإنبات بلوغا في المشرك لأن سنه لا يعلم إلا بخبره وخبر الشرك لا يقبل .
ولم تدع الضرورة إلى ذلك في المسلم ، لأن خبره في سنه مقبول . ثم لا اعتبار في الإنبات إلا أن يكون شعرا قويا فأما إن كان زغبا فلا فلو أن غلاما من المسلمين نبت الشعر على عانته فشهد له عدلان من المسلمين أنه لم يستكمل خمس عشرة سنة فيكون بلوغه على القولين إن قيل إن الإنبات يكون بلوغا حكم ببلوغه .
وإن كان سنه أقل من خمس عشرة سنة وإن قيل إن الإنبات دلالة على البلوغ لم يحكم ببلوغه إذا علم نقصان سنه ، وهذه فائدة القولين والله أعلم .
وذهب الشافعي وأبو حنيفة وسائر الفقهاء إلى أن البلوغ يكون بالسن وإن اختلفوا فيما يكون به بالغا من السن وفيما نذكره من الدليل على الاختلاف في قدره دليل على ثبوت أصله .
واختلفوا في قدر البلوغ بالسن فذهب الشافعي رضي الله عنه إلى أن البلوغ يكون بخمس عشرة سنة في الغلام والجارية .
وقال أبو حنيفة : يكون بلوغ الجارية بسبع عشرة سنة وبلوغ الغلام بثماني عشرة سنة ، استدلالا بأن نص الكتاب والسنة يوجبان استصحاب الصغر إلى الاحتلام وتعليق التكليف به