الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص317
وإن ظهر من المشتري بذل الثمن وقال : لا أدفعه حتى أقبض الثمن فقد اختلف أصحابنا فكان البغداديون منهم يخرجون ذلك على الأقاويل كالمبيع إذا كان على غير مفلس لكن لا يجيء هاهنا إلا ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه يأمرهما بإحضار ذلك إلى مجلسه .
والثاني : أن ينصب لهما عدلا غير العدل الذي يتولى مال المفلس .
والثالث : أنه يجبر بائع مال المفلس على التسليم ثم المشتري على الدفع للثمن .
فأما القول الرابع : أن الحاكم يدعهما معا فلا يجئ هاهنا قالوا ومعنى قول الشافعي : أنه لا يدفع إلى من اشترى شيئا حتى يقبض الثمن . يعني : حتى يظهر له بذل الثمن . قالوا ، لأن الحاكم وإن لزمه الاحتياط للمفلس فليس له إجبار المشتري على ما لا يجوز إجباره عليه . وقال البصريون منهم : بل لا يجوز لبائع مال المفلس أن يدفع المبيع إلا بعد قبض الثمن قولا واحدا بخلاف من ليس بمفلس لأمرين :
أحدهما : أن مال المفلس يلزمه فيه من الاختلاط ما لا يلزم في غيره والمشتري ماله داخل على بصيرة .
والثاني : أن بيع مال المفلس بحكمه فالمشتري يأمن في تعجيل الثمن بحكم الحاكم به ما لا يأمن في غيره فكان ما يتخوفه مع غير المفلس مأمونا في ابتياع مال المفلس .
قال الماوردي : وهذا كما قال . إذا وضع ثمن المبيع على يد عدل فضاع من يده كان من مال المفلس دون غرمائه لأنه مالك المبدل فهلاك بدله من ماله كالوكيل . وقد مضى الكلام في هذه المسألة مع أبي حنيفة في كتاب الرهن بما يغني عن الإعادة .
وهذا صحيح . ينبغي أن يكون أول ما يبدأ ببيعه من مال المفلس ما كان تركه أخوف فأول ما يقدم بيعه الحيوان ، لأمرين :
أحدهما : أنها نفس يخاف تلفها .
والثاني : ما يحتاج إليه من مؤونة علف فيها وكذلك كره أهل الاحتياط اقتناء الحيوان وقالوا : مؤونة ضرس وضمان نفس . فلهذين أول ما قدم بيع الحيوان في مال المفلس إلا أن