الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص267
امرئ هلك وعنده متاع امرئ بعينه اقتضى منه شيئا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء ولأن البائع حبس المبيع على ثمنه كما أن للمرتهن حبس الرهن على حقه فلما كان المرتهن لورد الرهن على راهنه لم يكن له الرجوع إليه عند تعذر حقه وجب إذا سلم البائع المبيع إلى مشتريه أن لا يكون له الرجوع إليه عند تعذر ثمنه ، وتحديد ذلك قياسا أنه محبوس لاستيفاء الحق منه فوجب أن يكون رفع اليد عنه مسقطا لحق الاستيفاء منه كالرهن ، ولأن البائع قد وجب له بعقد البيع حقان :
أحدهما : ثبوت الثمن في الذمة
والثاني : حبس المبيع على قبض ثمنه ثم ثبت أنه لو أسقط حقه من الثمن الذي في الذمة بالإبراء لم يعد إليه لحدوث الفلس وجب إذا أسقط حقه من حبس المبيع بالتسليم أن لا يعود إليه لحدوث الفلس .
وتحرير ذلك قياسا : أنه أحد نوعي حق يستحق بالعقد فوجب أن لا يعود إليه بالفلس بعد سقوطه بالعفو كالثمن ، ولأن الحقوق المستقرة في الذمم لا تنتقل إلى الأعيان بتعذر الاستيفاء كالموسر إذا مطل ، ولأنه تسليم يمنع حق الإمساك فوجب أن لا يعود إليه بالإفلاس كالهبة إذا قبضت ، ولأنه لما كان المشتري قد ملك المبيع كسائر أمواله وكان الثمن مستقرا في ذمته كديون غرمائه وجب أن يكون حكم البائع كحكم جميع الغرماء وحكم المبيع كحكم سائر الأموال والدلالة على ما ذكرنا حديث خلدة أو ابن خلدة الزرقي قاضي المدينة قال : أتينا أبا هريرة في صاحب لنا قد أفلس فقال : هذا الذي قضى فيه رسول الله ( ص ) أيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بالمتاع إذا وجده بعينه ‘ فإن قالوا : هذا الحديث لا يصح الاحتجاج به ، لأن راويه مشكوك فيه هل هو خلدة أو ابن خلدة ؟ فعنه جوابان :
أحدهما : أنه شك في اسمه لا في عينه وذلك غير مانع من الأخذ بروايته .
والثاني : أنه شك بين ثقتين ، لأن خلدة ثقة مقبول الحديث وابن خلدة ثقة مقبول الحديث والشك بين راويين لا يمنع من الأخذ بالحديث إذا كانا ثقتين على أن الشافعي قد رواه من طريق آخر عن مالك عن يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم