الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص233
والثالث : أن يختلفا فيدعو أحدهما إلى بيعها ويدعو الآخر إلى تركها ، فإن اتفقا على تركها إلى حلول الحق جاز ، وكان النقص لجفافها داخلا عليها باختيارهما ، فإن اتفقا على بيعها ، فإن بيعت بشرط أن يكون الثمن رهنا ، أو بيعت مطلقا حق البيع وكان الثمن رهنا ؛ لأن هذا البيع لحفاظ الحق ، وتوفير الثمن وليس كالذي تقدم ، فإن بيعت بشرط تعجيل الثمن كان البيع فاسدا ، وإن اختلفا فدعا أحدهما إلى بيعها ودعا الآخر إلى تركها ففيه وجهان :
أحدهما : أن القول قول من دعا إلى تركها إلى محل الحق لأنه موجب الرهن .
والثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : القول قول من دعا إلى بيعها لما فيه من توفير الثمن وحفظ الزيادة ، والوجه الأول أصح .
فأما رهن هذه الثمرة : فقد اختلف أصحابنا فيه فكان بعضهم يخرجه على قولين كالطعام الرطب ، لاستوائهما في الوصف . أحد القولين أن الرهن في الثمرة جائز وفي النخل معا .
وفي القول الثاني : الرهن باطل في الثمر .
وهل يبطل في النخل أم لا ؟ على قولين من تفريق الصفقة ، وقال آخرون من أصحابنا : الرهن في الثمرة جائز قولا واحدا بخلاف الطعام الرطب في أحد القولين ، والفرق بينهما : أن الثمرة تبع للنخل فلم يغير حكمها مفردة كسائر التوابع وليس الطعام الرطب كذلك ؛ لأن غير تبع ، فإذا ثبت أن الرهن في التمر لا يبطل فهل يجبر الراهن على بيعها عند تناهيها وإدراكها أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : لا يجبر على بيعها كالطعام الرطب الذي لا يجبر على بيعه عند حدوث فساده .
والقول الثاني : وهو المنصوص عليه في هذا الموضع أنه يجبر على بيعها بخلاف الطعام الرطب .
والفرق بينهما : أن الثمرة هاهنا تبع لأصل باقي وهو النخل فالحق يحكم أصله ، ووجب بيعه ليكون باقيا معا ، وليس كذلك الطعام الرطب ؛ لأنه لا يتبع أصلا باقيا فكان يحكم نفسه مفردا .