پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص199

قال الماوردي : وصورة هذه المسألة في رجل عليه لرجل ألفان ، أحدهما برهن والآخر بغير رهن ، فقضاه من الألفين ألفا ، فإن جعلها قضاء في الألف التي فيها الرهن ، كانت كذلك ، وخرج الرهن من وثيقة المرتهن ، وإن جعلها قضاء من الألف التي ليس فيها الرهن ، كانت كذلك ، وكان الراهن على حاله في الألف الأخرى وثيقة للمرتهن .

فإن دفعها مطلقة من غير أن يعينها في أي الألفين ، فقد اختلف أصحابنا على وجهين ، أحدهما وهو قول أبي إسحاق المروزي : أن له أن يجعلها قضاء في أي الألفين شاء ، كما لو طلق إحدى امرأتيه من غير تعين ، كان له أن يعين الطلاق في أيهما شاء ، فعلى هذا إن شاء أن يجعلها قضاء من الألف التي فيها الرهن ، كان ذلك له ، وإن شاء أن يجعلها قضاء من الألف التي ليس فيها الرهن فذلك له .

والوجه الثاني : هو قول أبي علي بن أبي هريرة أنها تكون قضاء في الألفين معا ، فيكون نصفها قضاء من الألف التي فيها الرهن ، والنصف الآخر قضاء من الألف التي ليس فيها الرهن ، لاستواء الألفين وحصول الإبراء بالدفع ، فلم تكن إحدى الألفين أولى من الأخرى .

فعلى هذا ولو اتفقا بعد الدفع على أن تكون الألف قضاء من إحدى الألفين فعلى وجهين .

أحدهما : أن ذلك جائز ، وتعتبر الألف المدفوعة قضاء فيما اتفقا عليه من الألفين ، لأنه لما كان له ذلك قبل الدفع ، جاز ذلك له بعد الدفع .

والوجه الثاني : وهو أصح ، أن ذلك لا يجوز ، لأن الإبراء قد حصل بالدفع ، فإذا كان الدفع قد جعلها من الألفين نصفين ، لم يجز أن يصير باتفاقهما قضاء من إحدى الألفين ، لأنه يعتبر نقل دين بدين .

( فصل )

فلو دفع الألف قضاء من إحدى الألفين ، ثم اختلفا ، فقال الدافع القاضي : دفعتها قضاء من الألف التي برهن ، وقال المرتهن : بل دفعتها من الألف التي بلا رهن ، فالقول قول الراهن القاضي ، لأنه بالدفع مزيل لملكه ، فوجب أن يكون القول قوله في صفة إزالة ملكه كسائر الأملاك ، وإذا كان القول قول الراهن القاضي ، لم يخل حال المرتهن القابض من أحد أمرين ، إما أن يدعي على القاضي ، أنه صرح له عند الدفع أنها التي بلا رهن ، أو لا يدعي ذلك ، فإن ادعى أنه صرح له بذلك عند الدفع ، وجب على الراهن القاضي اليمين ، بالله أنه دفعها قضاء من التي فيها الرهن ، وإن لم يدع أنه صرح بذلك عند