الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص168
أحدهما : أنه لما جاز أن يملكه رقبة عبده جاز أن يملكه الانتفاع برقبته .
والثاني : أنه لما جاز أن يملكه حق المرتهن موثقا في ذمة نفسه جاز أن يجعله موثقا في رقبة عبده لاستواء تصرفه في ذمة نفسه ورقبة عبده .
فإذا ثبت جوازه فقد اختلف قول الشافعي رضي الله عنه في حكمه على قولين نص عليهما في الرهن الصغير والرهن القديم .
أحد القولين أنه جار مجرى العارية لأمرين أحدهما أنه قد أرفق الراهن منفعته فيما استأذن به من رهن رقبته فوجب أن يكون عارية كما لو أذن له في الانتفاع بخدمته .
والثاني : أنه لما كان العبد باقيا على ملك سيده وكانت ذمة السيد برية من حق مرتهنه انصرف عن الضمان لبراءة الذمة إلى العارية لاختصاصه بالمنفعة .
والقول الثاني : أنه يجري مجرى الضمان في رقبة عبده لأمرين :
أحدهما : أنه لما كان مالكا لرقبة عبده كملكه لذمة نفسه ثم كان لو جعل دين المرتهن موثقا في ذمة نفسه كان ضمانا ولم يكن عارية وجب إذا جعل دين المرتهن موثقا في رقبة عبده أن يكون ضمانا لا تكون عارية .
والثاني : أن العارية تختص بالمنفعة والضمان يختص بالوثيقة فلما كانت المنفعة على ملك سيده لم يكن عارية ووجب أن يكون ضمانا لاختصاصه بالوثيقة .
وقال أبو العباس بن سريج : إنه يصح رهنه إذا قيل إنه يجري مجرى الضمان فأما إذا قيل إنه يجري مجرى العارية فلا يصح لأن للمعير أن يرجع في عاريته والرهن يمنع من الرجوع بعد تمامه فلما تنافيا حكم العارية والرهن لم يصح إعارة الرهن . وهو غير صحيح لأن العارية تتنوع نوعين جائزة ولازمة ، فالجائزة يجوز الرجوع فيها ، واللازمة لا يجوز الرجوع فيها كإعارة حائط لوضع جذوع وإعارة أرض لدفن ميت فكذا إعارة عبد الرهن .