الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص159
العبد الجاني فيباع فيها وإن كان ملكا لسيده ، حق لأن المكاتب قد يصح أن يثبت له حق على سيده فكذا يصح أن يثبت له حق في رقبة عبد سيده ، فإن كانت عمدا فالمكاتب بالخيار بين أن يقتص أو يعفو عن القصاص إلى الأرش أو يعفو عن القصاص والأرش فإن قيل أليس المكاتب ممنوع من العفو عن المال فكيف يصح عفوه عن الأرش وهو مال ؟ قلنا : إنما منع من العفو لحق السيد وحفظ ماله وهذا حق على السيد فصح عفوه عنه ، فلو لم يقتص المكاتب ولا أخذ الأرش حتى مات على كتابته فللسيد أن يقتص من عبده الجاني وله أن يبيعه في الأرش ، لأنه وإن لم يصح أن يثبت له ابتداء في رقبة عبده الأرش ، فهو إنما يملك ذلك عن المكاتب الذي قد كان مالكا للأرش والله أعلم .
قال الماوردي : اعلم أن الجناية على العبد المرهون ضربان :
أحدهما : أن تكون خطأ يوجب المال .
والثاني : أن تكون عمدا يوجب القود ، فإن كانت خطأ يوجب المال فعلى أربعة أضرب :
أحدها : ما استوى فيه ضمان الجناية وضمان الغصب .
والثاني : ما يضمن بالجناية ولا يضمن بالغصب .
والثالث : ما يزيد فيه ضمان الجناية على ضمان الغصب .
والرابع : ما ينقص فيه ضمان الجناية عن ضمان الغصب .
فأما الضرب الأول : وهو ما استوى فيه ضمان الجناية وضمان الغصب ففي ثلاثة أحوال في النفس التي يجب فيها كمال القيمة بالجناية كما يجب فيها كمال القيمة بالغصب .
والثانية : فيما لا يتقدر أرشه من الجراح ، يجب فيه ما بين القيمتين كما يجب في نقص الغصب ما بين القيمتين .
والثالث : فيما يتقدر أرشه من الجراح والأطرف إذا ساوى بالاتفاق ضمان الجناية فيه ضمان الغصب فيكون الواجب بالجناية في هذه الأحوال الثلاثة رهنا يتعلق به حق المرتهن .
وليس للراهن العفو عنه بغير إذن المرتهن ، لأن حقه قد تعلق بأرش الجناية كما كان متعلقا برقبة العبد قبل الجناية ، وإن عفا عن الأرش بغير إذن المرتهن كان عفوه باطلا