الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص113
وتحرير ذلك أنه أحد نوعي التخليل ، فوجب أن يقع به التطهير والتخليل كالنقل والتحويل .
والدليل على صحة ما ذهبنا إليه ما روى أنس بن مالك ( رضي الله عنه ) أن أبا طلحة الأنصاري قال : يا رسول الله إن عندي خمرا لأيتام فقال ( ص ) : أهرقها . قال : أفلا أجعلها خلا ؟ قال : لا . قال أنس رضي الله عنه : فعمدت إلى مهراس عندنا فكسرتها فأرقتها . ومن هذا الخبر دليلان :
أحدهما : أنه منعه من تخليلها ، ولو كان تخليلها سببا لطهارتها وإباحتها لأمر به ولم يمنع منه ، كما أن الدباغة لما كانت سببا لطهارة الجلد أمر به في شاة ميمونة حيث رآها ميتة ولم يمنع منه .
والثاني : أنه أمر بإراقتها مع علمه أنها مال يتيم وأموال اليتامى تجب حراستها . فلو كان التخليل سببا لطهارتها وإباحتها لأمر به في مال اليتيم ولم يأمر بإراقتها .
وروي في حديث آخر : أن رسول الله ( ص ) نهى عن تخليل الخمر والنهي يقتضي تحريم المنهي عنه وفساده .
ولأنه إجماع الصحابة وهو ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال : لا تنتفعوا بخمر أفسدتموها حتى يقلب الله عينها .
وروي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال : لا تشتروا الخل من الخمار مخافة أن يكون قد خللها .
فهذا قول صحابيين وليس لهما في الصحابة مخالف .
ويدل على ذلك من ناحية المعنى : أنه مائع نجس لا يطهر بالمكاثرة فوجب ألا يطهر بالعلاج والصنعة . . . أصله : ما سوى الخمر من المائعات النجسة .
ولأن ما استبيح من الأموال بغير فعل لم يستبح بالمحظور من الفعل ، كالميراث وغيره لما كان يستباح بالموت من غير فعل الوارث لم يستبح بقتل الوارث كذلك الخمر لما استبيحت باستحالتها خلا من غير فعل محظور لم تستبح بانقلابها خلا بفعل محظور .
ولأن تحريم الخمر وتنجيسها لحدوث الشدة المطرية فيها والشدة قد تزول تارة بإلقاء