الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص35
المرتهن وحده ليعلم بقاءها فتكون على حالها في حكم أصلها . فعلى هذا يكون مضي للمرتهن وحده شرطا في القبض دون العقد . فإن تقدم على مضي المرتهن جاز .
والوجه الثاني : لا بد من مضي الراهن معه لأنه كاستئناف عقده فعلى هذا لو مضى أحدهما لمشاهدتها لم يصح .
ولو مضيا جميعا أو من ينوب عنهما من نائب أو وكيل فشاهداها باقية فيكون شرطا في صحة العقد فيستأنفا عقد الرهن ولا يصح منهما ما تقدم من العقد . وهل يفتقر إلى الإذن في قبضها أم لا ؟ على ما ذكرنا من اختلاف المذهبين المتقدمين :
أحدهما : أنه لا يحتاج إلى الإذن . فعلى هذا يتم القبض بشيء واحد ، وهو مشاهدة الوديعة . فلو مر عليها زمان القبض قبل مشاهدتها لم يصح القبض .
والثاني : لا بد من الإذن في القبض بعد المشاهدة . فعلى هذا يتم القبض بشيئين :
أحدهما : الإذن في القبض .
والثاني : المضي إلى موضع الوديعة لمشاهدتها باقية فيه . فإن قلنا : لا بد من مضي الراهن والمرتهن ، وجب أن يكون إذن الراهن في قبضها بعد المضي لمشاهدتها . فإن أذن قبل مشاهدتها لم يقع الإذن موقعه ، فاحتاج إلى إذن بعد مشاهدتها ليتم به القبض . فإن قلنا : إن مضي المرتهن وحده لمشاهدتها جائز وجب أن يكون إذن الراهن في قبضها قبل المضي لمشاهدتها فإن أذن له بعد مشاهدتها لم يتم القبض حتى يمضي بعد الإذن زمان القبض ، فيتم حينئذ القبض فيكون تقدم الإذن وتأخره على اختلاف الوجهين في حضور الراهن مع المرتهن وعليهما يختلف الحكم .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
قد ذكرنا أن قبض الرهن شرط في لزومه . وإذا كان كذلك لم يصح القبض إلا بحضور المرتهن أو وكيله ، لأن القبض له .
فإن وكل الراهن في قبضه له لم يجز . لأنه لا يصح أن يكون قابضا من نفسه . ولو وكل المرتهن عبد الراهن في قبض الرهن له لم يجز ؛ لأن يد العبد يد سيده . فلما لم يجز توكيل الراهن في قبضه لم يجز توكيل عبده . ولو وكل ابن الراهن أو أباه جاز ؛ لأن يد الابن والأب ليست يدا له .