پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج6-ص7

على اختلاف قولي الشافعي في عقد السبق والنضال هل يجري مجرى الإجارة ، أو مجرى الجعالة ؟ فإن قيل : إنه يجري مجرى الإجارة جاز أخذ الرهن فيه .

وإن قيل : إنه يجري مجرى الجعالة فعلى الوجهين الماضيين .

قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ وقال الله تبارك وتعالى ( فرهان مقبوضة ) ‘ .

قال الماوردي : وبه قال أبو حنيفة عندنا عقد الرهن لا يتم إلا بالقبض ، وكذلك الهبة .

وقال مالك : الرهن يتم بالعقد ويجبر على القبض ، وكذلك الهبة استدلالا بقوله تعالى : ( أوفوا بالعقود ) [ المائدة : 1 ] ولأنه عقد وثيقة ، فوجب أن يلزم بمجرد القول . كالضمان . ولأن الثمن يختلف باختلافه إذا شرط في عقد البيع ، فوجب أن يلزم بنفس الشرط في البيع كالأجل ، ولأنه عقد لازم بعد القبض فوجب أن يكون لازما قبل القبض كالبيع ، ولأنه عقد يصح مؤجلا ، فوجب أن يكون بمجرد القول لازما كالإجارة .

ودليلنا ، قوله تعالى : ( فرهان مقبوضة ) [ البقرة : 283 ] والدلالة فيها من ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه وصف الرهن بالقبض فوجب أن يكون شرطا في صحته كوصف الرقبة بالإيمان والاعتكاف بالمسجد ، والشهادة بالعدالة ، ثم كانت هذه الأوصاف شروطا ، فكذا القبض .

والثاني : أنه ذكر غير الرهن من العقود ولم يصفها بالقبض ، وذكر الرهن ووصفه بالقبض فلا يخلو أن يكون وصف الرهن بالقبض إما لاختصاصه به ، أو ليكون تنبيها على غيره . وأيهما كان فهو دليل على لزومه فيه .

والثالث : أن ذكر القبض يوجب فائدة شرعية لا تستفاد بحذف ذكره ولا فائدة في ذكره إن لم يجعل القبض شرطا في صحته ، ولأنه لو مات الراهن قبل الإقباض لم يجبر وارثه على الإقباض ، فلو كان لازما بالقول كالبيع لاستحق على وارثه الإقباض كالبيع ، فلما لم يستحق على وارثه الإقباض لم يستحق عليه في حياته الإقباض كالجعالة .

وهذا الاستدلال قد يتحرر من اعتلاله قياسان :

أحدهما : أنه رهن غير مقبوض فوجب أن لا يلزم تسليمه كالوارث .

والثاني : أنه عقد لا يلزم وارث العاقد بمجرد القول فوجب أن لا يلزم العاقد بمجرد القول أصله عقد الجعالة ، ولأنه عقد إرفاق من شرطه القبول ، فوجب أن يكون من شرط لزومه القبض كالقرض .