الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص380
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق جواز اتخاذه لحراسة البيوت لما فيه من التيقظ والعواء على من أنكر فصار في معنى ما ورد الاستثناء فيه .
والوجه الثاني : أنه لا يجوز اتخاذه لحراسة الدور والبيوت في المدن لأنه قد يستغنى بالدروب والحراس فيها عن الكلاب ؛ ولأن الكلاب لا تغني في المنازل ما تغني في الزرع والمواشي ، لأن حفظ المنازل من الناس ، والكلب ربما احتال الإنسان عليه بلقمة يطعمه حتى يألفه فلا ينكره إذا ورد للسرقة والتلصص ، والزروع والمواشي تحفظ من الوحش والسباع فلا يتم فيها حيلة في ألف الكلب لها فافترق المعنى فيهما .
وأما اقتناء جرو الكلاب وصغارها لتعلم الصيد أو حفظ الزروع والمواشي ففي جوازه وجهان :
أحدهما : لا يجوز لأنها في هذه الحالة غير منتفع بها .
والثاني : يجوز اقتناؤها للتعليم ، لأن تعليمها منفعة ، ولأنه لا يمكن الاصطياد بها إلا بعد التعليم فلو منع من تعليمها لمنع من الصيد بها .
وأما ما انتفع به من كلاب الصيد والحرث والماشية إذا اقتناها من لا ينتفع بها ممن ليس له صيد ولا حرث ولا ماشية ففي جوازه وجهان :
أحدهما : يجوز اعتبارا لها لما فيها من المنفعة .
والثاني : لا يجوز اعتبارا بأربابها ولأنه ليس لهم فيها منفعة .
وهكذا لو اتخذ صاحب الحرث كلب ماشية ، أو اتخذ صاحب الماشية كلب حرث كان على هذين الوجهين .
فإذا ثبت جواز الانتفاع بها فيما ذكرنا واقتناؤها من المنافع لما وصفنا ، ففي جواز إجارتها لتلك المنفعة وجهان :
أحدهما : يجوز لأنها منفعة مباحة من عين معروفة ، وليس المانع من بيع الأصل مانعا من جواز إجارته كالوقف وأم الولد .
والوجه الثاني : أن إجارتها غير جائزة ؛ لأن المنفعة منها غير مملوكة وإن أبيحت بخلاف الوقف وأم الولد . ألا ترى أن غاصبا لو غصب كلبا منتفعا به لم يلزمه أجرة مثله ويلزمه في الوقف أجرة مثله .