الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص343
وحقيقة النجش المنهي عنه في البيع أن يحضر الرجل السوق فيرى السلعة تباع فبمن يزيد فيزيد في ثمنها وهو لا يرغب في ابتياعها ليقتدي به الراغب فيزيد لزيادته منه أن تلك الزيادة لرخص السلعة اغترارا به . فهذا خديعة محرمة . وقد قال ( ص ) : ‘ المكر والخديعة وصاحبهما في النار ‘ .
وقال ( ص ) : ‘ لا خلابة في الإسلام ‘ . أي لا خديعة .
فإذا ثبت أن النجش حرام فالبيع لا يبطل ؛ لأن المشتري وإن اقتدى به فقد زاد باختياره فإن علم المشتري بحال الناجش من غروره وأراد فسخ البيع به نظر في حال الناجش فإن كان قد نجش وزاد من قبل نفسه من غير أن يكون البائع قد نصبه للزيادة كان الناجش هو العاصي والبيع لازم للمشتري ولا خيار له في فسخه لأنه لم يكن من البائع تدليس في بيعه .
وإن كان البائع قد نصب الناجش للزيادة ففي خيار المشتري وجهان :
أحدهما : له الخيار لأن ذلك تدليس من البائع .
والثاني : لا خيار له لأن الزيادة زادها عن اختياره . والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح .
وروى الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لا يبيع بعضكم على بيع بعض ‘ .
وروى الشافعي عن سفيان عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ لا يبع الرجل على بيع أخيه ‘ .
والمراد بهذا النهي ما وصفه الشافعي : وهو أن يبيع الرجل السلعة ولا يفترقان حتى يأتي رجل آخر فيعرض على المشتري مثل تلك السلعة بأرخص من ثمنها ، أو يعرض عليه