پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص303

الآخر حكم للحالف منهما على الناكل ، فإذا كان الحالف منهما هو البائع ألزم المشتري دفع ما حلف عليه البائع من الثمن ، ومتى قلنا على كل واحد منهما يمينين فحلف أحدهما يمينين وحلف الآخر يمينا واحدة كان كالناكل وقضى عليه . فأما إذا حلفا جميعا فقد اختلف أصحابنا هل ينفسخ البيع بينهما بنفس التحالف أو يفسخ بوقع بينهما بعد التحالف على وجهين :

أحدهما : أن الفسخ قد وقع بنفس التحالف كالفسخ بين المتلاعنين لقوله ( ص ) تحالفا وترادا فعلى هذا لو أراد المشتري بعد التحالف أن يقبله بما قال البائع لم يجز إلا باستئناف عقد وكذا لو أراد البائع أن يبذله بما قال المشتري لم يجز إلا باستئناف عقد .

والوجه الثاني : وهو ظاهر نصه أن الفسخ لا يقع بينهما بنفس التحالف حتى يوقع الفسخ بينهما بعد التحالف لأن كل واحد منهما يقصد بيمينه إثبات الملك فلم يجز أن تكون موجبة لفسخ الملك لأنهما ضدان فعلى هذا بماذا يكون الفسخ بعد التحالف فيه وجهان :

أحدهما : أن الفسخ يكون إلى كل واحد من المتبايعين فأيهما فسخ صح اعتبارا بفسخ العيوب التي تكون موقوفة على المتعاقدين دون غيرها .

والوجه الثاني : أن الفسخ لا يقع إلا بفسخ الحاكم كما في الفسخ بالعنة وعيوب الزوجين لأنها عن اجتهاد فعلى هذا لو فسخه المتبايعان لم ينفسخ حتى يفسخه عليهما الحاكم ، ولا يجوز للحاكم أن يفسخه بعد تحالفهما إلا عن مسألتهما بعد عرض ذلك على كل واحد منهما كما يعرضه على الثاني بعد يمين الأول ثم يفسخه بينهما حينئذ ، فلو تراضيا بعد تحالفهما وقبل فسخه هل البيع بقول أحدهما صح العقد .

فصل :

فإذا انفسخ بينهما بالتحالف أو بإيقاع الفسخ بعد التحالف فقد اختلف أصحابنا هل يقع الفسخ ظاهرا وباطنا أو يقع في الظاهر دون الباطن على ثلاثة أوجه :

أحدها : أن الفسخ قد وقع ظاهرا وباطنا سواء كان البائع ظالما أو مظلوما كالفسخ باللعان وكالفسخ عند تحالف الزوجين في نكاح الولي ، فإن ذلك يقع ظاهرا وباطنا كذلك في البيع ، فعلى هذا إذا عادت السلعة إلى البائع كان له أن يتصرف فيها بما شاء من أنواع التصرف كما يفعل في سائر أمواله وإن كانت جارية جاز أن يطأها .

والوجه الثاني : أن الفسخ يقع في الظاهر دون الباطن سواء كان البائع ظالما أو مظلوما . لأنهما يتفقان مع الاختلاف على صحة العقد وانتقال الملك ، وحكم الحاكم لا يحيل الأمور عما هي عليه في الباطن لقوله ( ص ) : ‘ إنما أحكم بالظاهر ويتولى الله السرائر ‘ .