الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص302
البائع : والله لقد بعت هذا العبد بألف ولم أبعه بخمسمائة ويقول المشتري والله لقد اشتريت هذا العبد بخمسمائة ولم أشتره بألف . قال : ولأن المقصود بهذه اليمين الإثبات والنفي تبع فوجب أن يبدأ بالمقصود قبل التبع ، كما أن اليمين في اللعان يبدأ فيها بالإثبات قبل النفي .
والوجه الثاني : وهو ظاهر نصه أنه يبدأ بالنفي ثم الإثبات فيقول البائع : والله ما بعتك هذا العبد بخمسمائة ولقد بعتك بألف ، ثم يقول المشتري : والله ما اشتريته بألف ولقد اشتريته بخمسمائة لأن كل واحد منهما يتنزل في إحلافه منزلة المدعى عليه ثم يصير بمنزلة المدعي فاقتضى أن يكون أول يمينه النفي اعتبارا بحكم المدعى عليه وآخر يمينه الإثبات اعتبارا بحكم المدعي .
والوجه الثالث : وهو قول بعض البصريين أن البائع يحلف فيقول والله ما بعت هذا العبد إلا بألف ويحلف المشتري فيقول والله ما اشتريته إلا بخمسمائة . قال لأن هذا أسرع إلى فصل القضاء وقد قيل في تأويل قوله تعالى : ( وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب ) [ ص : 20 ] . إنه سرعة القضاء . فهذا اختلاف أصحابنا في صفة يمينه إذا قيل إن لكل واحد منهما أن يحلف يمينا واحدة .
فأما إذا قيل بالوجه الثاني إن حظ كل واحد منهما أن يحلف يمينين فلا خلاف بينهم أنه يبدأ في اليمين الأولى بالنفي وفي اليمين الثانية بالإثبات فيقول البائع والله ما بعتك هذا العبد بخمسمائة ، ويقول المشتري والله ما اشتريت منك هذا العبد بألف ثم يحلف البائع ثانية فيقول والله لقد بعتك هذا العبد بألف ويقول المشتري والله لقد اشتريت منك هذا العبد بخمسمائة .
حال يحلفان معا ، وحال ينكلان معا ، وحال يحلف أحدهما وينكل الآخر . فإن نكلا معا تركهما ولم يحكم بقول واحد منهما ، وقطع الخصومة بينهما ، وإن حلف أحدهما ونكل