الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص281
والوجه الثاني : يجوز له أن يخبر بأن الثمن مائة درهم لأن المأخوذ بأرش الجناية ليس يرجع إلى العقد وإنما هو بسبب حادث بعد العقد فشابه الكسب وإن أخبر على الوجه الأول بأن الثمن تسعون درهما ثم علم المشتري بحال الجناية فلا خيار له وإن أخبر على الوجه الثاني بأن الثمن مائة درهم ثم علم المشتري بحال الجناية فله الخيار . ولكن لو اشترى دارا فاستعملها أو ماشية فحلبها أو نخلا فأخذ ثمرتها لم يلزمه إذا أخبر بالشراء أن يسقط منه قدر ما أخذ من الغلة والثمرة والنتاج واللبن بل له أن يخبر بجميع الثمن لا يختلف أصحابنا فيه لأنها أعيان حادثة بعد العقد فلم تقابل شيئا من الثمن إلا لبن التصرية فعليه أن يسقط قدر قيمته من الثمن لأنه مما يتقسط عليه الثمن .
ومذهب الشافعي أن نقصان العشرة إن كان قبل التفرق لزمه أن يخبر بأن الثمن تسعون درهما لأن الثمن يستقر بما افترقا عليه وإن كان النقصان بعد التفرق فأخبر بأن الثمن مائة درهم صح لاستقرار الثمن بالعقد وأن الزيادة والنقصان لا تلحق بالعقد بعد استقراره .
وجوز ذلك أبو حنيفة وجعل الزيادة والنقصان فسخا للعقد الأول واستئناف عقد جديد . وهذا فاسد من وجوه ثلاثة .
أحدها : أن حطيطة الثمن كله لما لم تكن فسخا لاحقا بالعقد فحطيطة بعضه أولى أن لا تكون فسخا لاحقا بالعقد .
والثاني : أن الحطيطة والزيادة لو كانتا فسخا للعقد لم يجز أن يكونا مجددين للعقد لأن الشيء الواحد لا يجوز أن يوجب حكمين متنافيين .
والثالث : أن الصداق في النكاح كالثمن في البيع فلما لم يكن ما عاد إلى الصداق من زيادة أو حطيطة فسخا لم يكن ما عاد إلى البيع من زيادة أو حطيطة فسخا له .