پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص212

( فصل القول في بيع المزابنة )

وأما المزابنة فهي بيع الرطب على نخله بتمر في الأرض والمزابنة في كلامهم المدافعة ولهذا سموا زبانية لأنهم يدفعون أهل النار إلى النار وقالوا زبنت الناقة برجلها إذا دفعت . قال الشاعر :

( ومستعجب مما يرى من أناتنا
فلو زبنته الحرب لم يترمرم )

فسمي بيع الرطب بالتمر مزابنة لأنه قد دفع التمر بالرطب وبيعه لا يجوز لعلة واحدة وهي حدوث الربا بعدم تماثله ويجوز بالدراهم لعدم هذه العلة ، ثم هكذا بيع العنب في كرمه بالزبيب لا يجوز وكذا بيع سائر الثمار في شجرها بجنسها يابسة ، لا يجوز واختلف أصحابنا هل كان بيعها غير جائز لدخولها في اسم المزابنة أو قياسا عليها وهكذا اختلفوا في سائر الزروع هل منع من بيعها بجنسها لدخولها في المحاقلة أو قياسا عليها فأحد الوجهين وهو ظاهر مذهب الشافعي رحمه الله أن بيع ذلك لم يجز لدخول سائر الثمار في اسم المزابنة ودخول سائر الزروع في اسم المحاقلة وكان تحريمه نصا لا قياسا .

والوجه الثاني : وهو مذهب أبي علي بن أبي هريرة أن النص في المحاقلة والمزابنة مختص بالحنطة والنخل وسائر الزورع مقيسة على الحنطة في المحاقلة وسائر الثمار مقيسة على النخل في المزابنة فكان تحريمه قياسا لا نصا ، وأما المخابرة فهو استكراء الأرض ببعض ما يخرج منها وله باب فأما المعاومة فهو في معنى بيع السنين فسنذكره وأما بيع الثنيا فقد مضى وأما العرايا فتأتي والله أعلم ‘ .

مسألة : الضمان في المحاقلة والمزابنة

.

قال الشافعي رحمه الله تعالى : ‘ فأما أن يقول أضمن لك صبرتك هذه بعشرين صاعا فما زاد فلي وما نقص فعلي تمامها فهذا من القمار والمخاطرة وليس من المزابنة .

قال الماوردي : وهذا صحيح إذا أتى صبرة طعام لغيره فقال لربها أن أضمنها لك بعشرين صاعا فإن نقص فعلي نقصانها وإن زادت فلي زيادتها أو أتى قراحا فيه بطيخ فقال لربه أنا أضمنه لك بألف بطيخة فإن زادت فلي وإن نقصت فعلي أو أخذ ثوبا لرجل فقال : أنا أقطعه لك قميصا فإن نقص أتممته وإن زاد أخذت الزيادة فهذا فاسد وحرام باتفاق وإنما اختلفوا في جهة فساده فقال مالك : لأنه في معنى المزابنة وقال الشافعي رضي الله عنه : إنما يفسد لأنه مخاطرة وقمار وليس بمزابنة ؛ لأن المزابنة مبايعة وهذا موضوع على أن يدفع عنه النقصان مالا يأخذ عوضه ويأخذ عنه الزيادة مالا يعطي بدله فصار بالقمار والمخاطرة أشبه منه بالبيع والمزابنة والله أعلم .