الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص150
فإذا ثبت أن له أخذ تلك الدراهم بعينها بعد التحريم كما كان له أخذها قبل التحريم فعدمت تلك الدراهم ولم توجد ، كان له حينئذ أخذ قيمتها ذهبا ، لتعذرها واعتبار زمان القيمة في آخر أوقات وجودها والقدرة عليها لأنه آخر وقت كانت عينها فيه مستحقة فلو ابتاع دينارا وثوبا بعشرة دراهم معينة من هذا النقد المذكور فحظر السلطان المعاملة بها قبل قبضها لم يكن ذلك عيبا يستحق به الفسخ ، لأن العيوب ما اختصت بالصفات اللازمة ، فأما تحريم السلطان فعارض يختص بالسعر ونقصه ، ونقصان الأسعار لا يكون عيبا يستحق به الفسخ .
وقال أبو حنيفة : إن علما ذلك قبل التفرق صح الصرف ، وإن علماه بعده لم يصح .
وقال زفر : يصح بكل حال . وكلا القولين خطأ ومذهبنا فيه أصح .
لأن الجهل بالتماثل كالعلم بالتفاضل ، ثم كان العلم بالتفاضل معتبرا وقت العقد كذا الجهل بالتماثل معتبرا وقت العقد .
فأما إن تبايعاها موازنة لم يفسد العقد وكان معتبرا بما يخرجه الوزن من تماثلهما أو تفاضلهما فإن كانتا سواء صح الصرف ، وإن تفاضلتا فقولان حكاهما ابن سريج :
أحدهما : أن الصرف باطل لظهور الفضل فيه .
والثاني : أن الصرف جائز بإسقاط الفضل لاشتراط التماثل ، وللذي نقصت ذهبته الخيار دون الآخر لنقصان ما عقد عليه ، وكذا القول في بيع صبرة طعام بصبرة طعام .
أحدهما : يجوز وهو أظهر . لأنها صفة يمتاز بها الموصوف عن غيره . والثاني : يجوز لأنها صفة في غير الموصوف يجوز انتقالها عنه .