پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص124

وقال أبو حنيفة بجوازه ، لأن اللبن في الشاة تبع للشاة وغير مقصود في نفسه ، ولذلك جازت الجهالة فيه فلما جاز بيع ذلك بالدراهم لكون اللبن في الضرع تبعا وغير مقصود ، جاز بيعه باللبن .

ولأن اللبن لو كان مقصودا وكان الثمن عليه مقسطا لجاز إفراده بالعقد فلما لم يجز أن يكون بالعقد مفردا اقتضى أن يكون تبعا .

ولأن اللبن نماء كالحمل ، فلما كان الحمل تبعا ، فاللبن أولى أن يكون تبعا ، لأن الحمل كأصله ، واللبن فرع من فروع أصله .

وهذا خطأ .

والدليل على أن اللبن في الضرع مقصود ويأخذ قسطا من الثمن أن النبي ( ص ) جعل للبن التصرية بدلا فقال : إن رضيها أمسكها ، وإن سخطها ردها وصاعا من تمر .

فلولا أن العقد يتناول الشاة ولبنها الذي في الضرع كما يتناوله إذا كان محلوبا في إناء لأسقط عليه السلام غرمه في استهلاكه مع قضائه أن الخراج بالضمان .

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لا يحلبن أحدكم شاة أخيه بغير أمره ، ضروع مواشيكم خزائن طعامكم ، أيحب أحدكم أن يأتي خزانة أخيه فيأخذ ما فيها .

فجعل ما في الضرع من اللبن مثل ما في الخزانة من المتاع ، فلما كان متاع الخزانة مقصودا يتقسط عليه الثمن وجب أن يكون لبن الضرع مقصودا يتقسط عليه الثمن .

وإذا ثبت بهذين الخبرين أن لبن الضرع مقصود يتقسط عليه الثمن لم يجز بيع شاة في ضرعها لبن بلبن ، كما لا يجوز بيع شاة ولبن محلوب بلبن ، لأجل التفاضل ، كما قلنا في مد تمر ودرهم بمدي تمر . فأما استدلاله على كونه تبعا لجهالة قدره وجواز بيعه بالدراهم فالجواب : أن جهالة قدره غرر ، والغرر اليسير في البيع مجوز للضرورة . وبيعه باللبن ربا ، والربا اليسير في البيع غير مجوز مع الضرورة . وأما استدلاله بأنه لما لم يجز إفراد لبن الضرع بالعقد دل على أنه ليس له في الثمن قسط .

فالجواب عنه أن يقال : ليس كل ما جاز بيعه مفردا اقتضى ألا يأخذ من الثمن قسطا .