الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص101
أسودين ثم لم يبايع أحدا بعد حتى يسأله أعبد هو . رواه الشافعي في الأم . وقد روي جواز ذلك عن علي وابن عمر رضي الله عنهما .
فروي عن علي رضي الله عنه أنه باع جملا له يقال له العصيفير بعشرين جملا إلى أجل .
وروي عن ابن عمر أنه باع بعيرا بأربعة أبعرة مضمونة بالربذة . وليس لهما في الصحابة مخالف فكان إجماعا .
ولأن كل عقد صح اشتراط الخيار فيه ، صح دخول الأجل فيه ، كالجنسين من حيوان وثياب .
ولأن كل جنس جاز دخول التفاضل فيه جاز دخول الأجل فيه كالثياب المروية بالهروية .
فإن قيل : ‘ الهروي والمروي ‘ جنسان فلذلك جاز دخول الأجل فيهما ، قيل : جنسهما واحد . ألا ترى أنه لو باعه ثوبا على أنه هروي فبان أنه مروي ، كان البيع جائزا وله الخيار ، ولو كان من غير جنسه لبطل البيع ، كما لو باعه ثوبا على أنه قطن فبان أنه كتان ، كان البيع باطلا لأنهما جنسان .
ولأن الربا قد يثبت في الجنس من وجهين : التفاضل ، والأجل .
فلما كان التفاضل في جنس ما لا ربا فيه جائزا وجب أن يكون الأجل في جنس ما لا ربا فيه جائزا .
وتحرير ذلك قياسا : أنه أحد نوعي الربا فوجب ألا يحرم فيما ليس فيه ربا كالتفاضل .
وأما الجواب عن خبري سمرة ، وجابر ، فهو أن يحمل النهي على دخول الأجل في كلا العوضين ، وذلك عندنا غير جائز .
وأما قياسهم على البر بالبر فالمعنى تحريم التفاضل فيه ، فذلك حرم الأجل ، وليس كذلك في مسألتنا .
وأما استدلالهم بأنه أحد صفتي الربا كالكيل ، فالمعنى في الكيل أنه إذا علق به تحريم الأجل ، اختص ذلك بما فيه الربا ، وإذا علق بالجنس عم ما فيه الربا وما لا ربا فيه ، ولا يجوز أن يسوى بين ما فيه الربا ، وبين ما لا ربا فيه في أحد نوعي الربا . والله أعلم .