الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص59
ولأن هذا الخيار مستحق بالشرط ، فوجب أن يكون مقصورا على من شرط له ، والوارث لم يشترط له الخيار ، فوجب أن لا يستحقه .
ودليلنا : هو أنه خيار ثابت في بيع ، فجاز أن يقوم الوارث فيه مقام مورثه كخيار العيب . ولأنه معنى يسقط التكليف ، فوجب أن لا يقطع الخيار المستحق كالجنون . ولأن كل خيار لا ينقطع بالجنون لا ينقطع بالموت كخيار العيب . ولأن الخيار من حقوق الملك لا من حقوق العقد ، بدليل ثبوته بعد تقضي العقد ، فوجب إذا انتقل الملك إلى الوارث أن ينتقل إليه بحقوقه كالرهن المشروط في حقه . وفي هذا الاستدلال انفصال .
فأما الجواب عما ذكروه من قياسهم على خيار القبول :
فهو أن المعنى في خيار القبول أنه لما بطل بالجنون ، بطل بالموت ، على أن من أصحابنا من يقول : لم يبطل بالموت ، وإنما بطل بالتراخي ومن شروط صحته أن يكون على الفور ، وهذا قول أبي القاسم الداركي .
حتى قال : لو كان الموت عقيب البذل ، فقال الوارث في الحال : قد قبلت ، صح العقد ، إذا لم يقع التراخي بين بذل البائع وقبول الوارث .
وهذا قول يخالف الإجماع . والجواب الأول : هو الصحيح .
وأما الجواب عن قياسهم على الأجل :
فالمعنى فيه : أن الموت لما أتلف الذمة التي أثبت فيها الدين المؤجل ، أبطل الأجل ، لتلف محله ، ولم يجز أن ينتقل الدين بأجله إلى ذمة الوارث ، لأن صاحب الدين لم يرض بذمته . وليس كذلك الخيار ، لأنه مستحق في المبيع الموجود بعد الموت ، كوجوده قبل الموت ، فجاز أن لا يبطل بالموت ، ألا ترى أن موت من له الدين لما لم يكن متلفا للذمة التي يثبت فيها الأجل لم يكن موته مبطلا للأجل .
وأما الجواب عن قولهم : لأنه مستحق بالشرط ، فوجب أن يكون مقصورا على من له الشرط : فهو أنه باطل بالصفة المشروطة في المبيع ، وهو أن يبتاع عبدا على أنه صانع فيوجد غير صانع فللوارث الخيار في فسخ البيع ، لعدم الصفة المستحقة بالشرط وإن كان الشرط لغيره ، على أن الخيار حق عليه فلم يصح إعراضه في اختلاف مستحقيه كالدين .
فإن كان الوارث واحدا ، كان بالخيار في مدة الخيار بين إمضاء البيع في المبيع كله أو فسخ جميعه .
وإن كانوا جماعة : فإن اتفقوا على إمساك المبيع كله أو رد جميعه ، فذاك لهم .
وإن أراد بعضهم الرد وبعضهم الإمساك ؟