پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص51

تصرفه لازما له ، أوجب سقوط خياره ، وإن كان تصرفه مما لا يلزم حكمه في الحال كالبيع ، والإجارة لافتقارهما إلى صريح الاختيار .

فقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين :

أحدهما : وهو قول البغداديين : أنه يكون قطعا لخياره ، وإن كان خيار البائع باقيا ، كما لو اختار قطع ذلك في خيار الثلاث .

والوجه الثاني : وهو قول البصريين وهو الصحيح : أنه لا يكون ذلك قطعا لخياره ، وإنما كان كذلك ، لأن من حكم خيار المجلس أن يثبت للمتبايعين معا ، ولا يثبت لأحدهما دون الآخر ، فلما كان الخيار باقيا للبائع وإن حدث من تصرف المشتري وقوله ما حدث ، اقتضى أن يكون الخيار باقيا للمشتري وإن حدث من تصرفه وقوله ما حدث ؛ ليكونا سواء فيما أوجب العقد تساويهما فيه .

وبهذا المعنى فارق خيار الثلاث حيث كان هذا التصرف من المشتري قاطعا لخياره وإن بقي خيار البائع ؛ لأن خيار الثلاث يجوز ثبوته لأحدهما دون الآخر . فهذا الكلام في عتق المشتري وتصرفه .

فصل :

فأما عتق البائع للعبد المبيع في زمان الخيار ، فنافذ على الأقاويل كلها ، وليس للمشتري اعتراض وإن قيل : إنه قد ملك .

والفرق بين عتق البائع – حيث نفذ على الأقاويل كلها – وبين عتق المشتري :

أن عتق البائع ، فسخ ، وعتق المشتري ، إمضاء . وفسخ البائع مقدم على إمضاء المشتري ، فلذلك نفذ عتقه ، وإن لم ينفذ عتق المشتري .

وكذلك تصرف البائع بغير العتق ماض ، ويكون فسخا ، كما لو آجر ، أو رهن ، أو وهب ، أو وصى ، أو وقف ، أو دبّر ، كان جميعه ماضيا ، وكان للعقد فاسخا . وسواء كان البائع قد أقبض المبيع في زمان الخيار ، أو لم يحصل القبض .

قال أبو العباس بن سريج : فلو كان البائع بعد أن تقابضا العبد المبيع ، وهبه للمشتري في زمان الخيار ، جازت الهبة ، وانفسخ البيع ، واحتاج المشتري إلى تجديد قبض الهبة ؛ لأنه كان مقبوضا في يده بالبيع لا بالهبة .

فإن مات العبد قبل تجديد القبض ، مات على ملك البائع الواهب ، لأن الهبة لم تتم قبل القبض ، وكان مضمونا على المشتري بالقيمة دون الثمن ، لأنه مضمون عليه بالفسخ ، والهبة لم تتم بالقبض ، فلم يسقط الضمان .

وفي المسألة قول ثان ، لم يحكه أبو العباس : أن العبد إذا كان في قبض الموهوب له ، لم يحتج إلى تجديد قبض ، وإنما تصح الهبة بالعقد وأن يمضي بعده زمان القبض .