پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص33

قالوا : وهذا أولى من حمله على افتراق الأبدان من وجهين :

أحدهما : أنه معهود الافتراق في الشرع قال الله تعالى : ( وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته ) [ النساء : 130 ] يعني : بالطلاق والطلاق كلام .

وقال النبي ( ص ) : ‘ تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ‘ يعني : في المذاهب .

والثاني : أن حمله على التفرق بالكلام حقيقة ، وعلى التفرق بالأبدان مجاز ، لأنه جعل الخيار للمتبايعين ، وهما يسميان في حال العقد متبايعين حقيقة ، وبعد العقد مجازا ، كما يقال : ضارب ، فيسمى بذلك في حال الضرب حقيقة ، وبعد الضرب مجازا ، وإذا كان كذلك كان حمله على الحقيقة أولى من حمله على المجاز ، فثبت بهذين الوجهين أن المراد به التفرق بالكلام دون التفرق بالأبدان .

فالجواب عنه : دليل ، وانفصال . فأما الدليل على أن المراد به التفرق بالأبدان دون الكلام فمن ثلاثة أوجه :

أحدها : أن التفرق لا يكون إلا عن اجتماع ، فإذا تفرقا بالأبدان بعد البيع ، كان تفرقا عن اجتماع في القول حين العقد وعن اجتماع بالأبدان .

ولا يصح تفرقهما بالكلام ، لأنهما حال التساوم مفترقان ، لأن البائع يقول : لا أبيع إلا بكذا ، والمشتري يقول : لا أشتري إلا بكذا .

فإذا تبايعا فقد اجتمعا في القول بعد أن كانا مفترقين فيه . وهذه دلالة أبي إسحاق المروزي .

والثاني : أن خيار المشتري بعد بذل البائع وقبل قبوله معلوم بالإجماع ، إذ لو سقط خياره ببذل البائع لوجبت البياعات جبرا بغير اختيار بعد اختيار ولأفضى الأمر فيها إلى ضرر وفساد ، والخيار بعد البيع غير مستفاد إلا بالخبر ، فكان حمل الخبر على ما لم يستفد إلا منه أولى من حمله على ما استفيد بالإجماع ، لأن لا يعرى الخبر من فائدة . وهذه دلالة ابن جرير الطبري .

والثالث : أن اللفظ إذا ورد ، وكان يحتمل معنيين ، وكان المراد أحدهما بالإجماع لا هما معا ، ولم يكن في اللفظ تمييز المراد منهما ، كأن ما صار إليه الراوي هو المراد به دون الآخر ، فلما كان الافتراق يحتمل أن يراد به الافتراق بالكلام مع بعده ، ويحتمل أن يكون المراد به الافتراق بالأبدان مع ظهوره ، وكان ابن عمر ، وأبو برزة ، وهما من رواة الخبر