الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص20
فإن قيل : إن بيعها غير جائز فلا تفريغ عليه .
وإن قيل : إن بيعها جائز إذا وصفت ، فلا يخلو حال البائع الواصف لها من أحد أمرين :
إما أن يكون قد وصفها عن مشاهدة ، أو عن صفة :
فإن كان قد وصفها عن مشاهدة ، جاز .
وإن كان قد وصفها عن صفة ؛ لأنه كان قد وكل في ابتياعها وكيلا ، ووصفها الوكيل له بعد الابتياع من غير مشاهدة ، ثم وصفها البائع عن صفة الوكيل ، ففي جواز ذلك وجهان :
أحدهما : أنه جائز ؛ لأنه لما جاز أن يشتري المشتري بالصفة من غير رؤية ؛ جاز أن يبيع البائع بالصفة من غير رؤية .
والوجه الثاني : أنه لا يجوز ، وبه قال ابن أبي هريرة لأمرين :
أحدهما : أن المبيع إذا لم يره البائع والمشتري ، كان أكثر غررا ، وإذا لم يره المشتري وحده ، كان أقل غررا ، والغرر إذا قل في العقد عفي عنه ، وإذا كثر لم يعف عنه .
والثاني : أن البائع إذا وصفها من غير رؤية ، صار بائعا لها بصفة عن صفة . وذلك غير جائز كالأعمى في بيوع الأعيان لا يصح منه ؛ لأنه يبيعها بصفة عن صفة .
فعلى هذين التعليلين لو كان المشتري قد رأى المبيع ولم يره البائع لكن وصفه له ، فعلى الأول يجوز لقلة الغرر برؤية أحدهما ، وعلى التعليل الثاني لا يجوز ، لأنه يصير بائعا بصفة عن صفة .
فالجنس أن يقول : عبد أو ثوب .
والنوع أن يقول في الثوب : إنه قطن أو كتان ، وفي العبد أن يقول : رومي أو زنجي ، ليصير المبيع معلوم الجملة عند المشتري وهل يحتاج مع ذكر الجنس والنوع إلى ذكر الصفة أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لا يحتاج إلى ذكر الصفة ، ويجوز أن يقتصر على ذكر الجنس والنوع ؛ لأنه مبيع لم يتعلق بالذمة ، فلم يحتج إلى صفة كسائر الأعيان .
والوجه الثاني : لا بد من ذكر الصفة ، لأنه مبيع غائب ، فافتقر إلى ذكر الصفة كالمسلم فيه .
فعلى هذا إذا قيل : إن الصفة شرط في صحة العقد ، فهل يصح ، أن يصفه بأقل صفاته أو لا يصح إلا بذكر أكثر صفاته ؟ فيه وجهان :