الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج5-ص16
وبيع خيار الرؤية غرر من وجهين :
أحدهما : أنه لا يعلم هل المبيع سالم أو هالك ؟ .
والثاني : أنه لا يعلم هل يصل إليه أو لا يصل ؟ .
وروي عن النبي ( ص ) أنه ‘ نهى عن بيع غائب بناجز ‘ ، ولم يفصل بين صرف وغيره ، فهو على عمومه .
وروي عن النبي ( ص ) أنه ‘ نهى عن بيع الملامسة ‘ ، فالملامسة : بيع الثوب المطوي .
فإذا نهى عن الملامسة لجهل بالمبيع ، وإن كان الثوب حاضرا ، كان بطلانه أولى إذا كان غائبا .
ولأن بيع الصفة إذا علق بالعين بطل ، كذلك بيع العين إذا علق بالصفة بطل .
وتحريره قياسا : أنه بيع عين بصفة ، فوجب أن يكون باطلا ، كالسلم في الأعيان .
ولأن الاعتماد في السلم على الصفة ، والاعتماد في بيع الأعيان على الرؤية ؛ لأن السلم يصير معلوما بالصفة ، كما أن العين تصير معلومة بالرؤية .
فإذا تقرر أن السلم إذا لم يوصف حتى يصير السلم فيه معلوما بطل العقد ، وجب إذا لم ير العين حتى تصير معلومة بالرؤية أن يبطل العقد ، إذ الإخلال بالرؤية في المرئيات كالإخلال بالصفة في الموصوفات .
وتحرير ذلك قياسا : إن جهل المشتري بصفات المبيع يمنع صحة العقد كالسلم إذا لم يوصف .
ولأنه بيع مجهول الصفة عند المتعاقدين فوجب أن يكون باطلا ، كقوله : بعتك عبدا أو ثوبا .
فإن قيل : إنما بطل إذا باعه عبدا ، لا أنه غير معين ولا يمكن تسليمه لأنه بطل لكونه مجهول الصفة .
قيل : فلا يصح أن يكون بطلانه لكونه غير معين ، لأن السلم يصح وهو غير معين ، فثبت أنه بطل لكونه مجهول الصفة ، ويمكن تسليم عبد وسط .
ولأنه بيع عين لم ير شيئا منها ، فوجب أن لا يصح كالسمك في الماء والطير في