الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص382
يأكلوه لرواية عبد الله بن قرطٍ قال رسول الله ( ص ) : أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر وقرت إلى النبي ( ص ) بدناتٍ خمسٍ أو ست ينحرهن فطفقن يزدلفن إليه أيتهن يبدأ بها فلما وجبت جنوبها قال كلمةً خفيفةً لم أفهمها فسألت بعض من يليني ما قال : قالوا قال : ‘ من شاء اقتطع ‘ فأما إن نحره وغمس نعليه في دمه وضربها على صفحته ولم يناد في الناس به ولا أعلمهم بإباحته فهل يجزئه وتستبيح الناس بذلك أكله أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : وهو قوله في القديم إن هذه علامة يستبيح الناس أكله بها كالنداء عليها فعلى هذا إن لم يأكلوها فلا ضمان عليه .
والقول الثاني : قاله في الجديد وهو الصحيح ليست هذه علامة يستباح بها الأكل إلا بالنداء عليها ؛ لأن هذا العقد قد يحتمل أن يكون عن واجب في تطوع يستبيح الناس أكله وقد يحتمل أن يكون عن واجب في ذمته لا يستبيح الناس أكله فلم يتميز أحدهما عن الآخر إلا بالنداء فعلى هذا وإن لم يأكله الناس حتى هلك أو تغير ضمانه لمساكين الحرم ، فأما حلال الهدي التي عليها فعليه أيضاً لها إلى الحرم وتفريقها في مساكينه لقدرته على ذلك ولما روى ابن أبي ليلى عن علي عليه السلام قال أمرني رسول الله ( ص ) أن أقوم على بدنة وأن أقسم جلالها وجلودها وروي في الحديث وألا أعطي الجازر منها شيئاً وقال : نحن نعطيه من عندنا ، فهذا حكم هدي التطوع إذا أعطب في طريق فإذا فعل ذلك فليس عليه بدله ؛ لأن التطوع لم يتعلق بذمته وقد فعل فيها ما أمر به .
فإذا تقرر أنه يعود إلى ملكه بحدوث العيب ويجوز أن يصنع فيه ما شاء من بيع وغيره فعليه إخراج بدله ؛ لأن ما في الذمة باق لحاله فإذا أخرج بدله نظر فإن كانت قيمته مثل قيمة الأول أو أكثر أجزأه وإن كانت قيمته أقل من قيمة الأول فهل يجزئه إخراج ما بينهما من الفضل على قولين :
أحدهما : وهو قوله في القديم : عليه إخراج ما بينهما من الفضل يتصدق به على مساكين الحرم ، لأنه قد التزم الزيادة بتعيين الأول .