الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص380
مائة بدنةٍ فقدم علي رضوان الله عليه من اليمن فأشركه رسول الله ( ص ) بالثلث فنحر رسول الله ( ص ) ستا وستين بدنةً وأمر علياً فنحر أربعاً وثلاثين ثم أمر من كل جزورٍ بنصفه فجعلت في قدر فأكلا من اللحم وحسوا من المرقِ ‘ فإذا ثبت جواز أكله منه فعليه أن يطعم الفقراء منه فيكون أكله مباحاً وإطعام الفقراء واجباً .
وقال ابن سريج : إطعام الفقراء مباح كالأكل فإن أكل جميعها جاز وقال أبو حفص بن الوكيل : الأكل واجب كإطعام الفقراء فإن أطعم جميعه الفقراء لم يجز ومذهب الشافعي أن الأكل مباح والإطعام واجب وهو أصح ، لأن المقصود بالهدي القربة والقربة في إطعام الفقراء دون أكله في نفسه .
فإذا ثبت هذا فالكلام بعد ذلك في فعلين :
أحدهما : في الاستحباب .
والثاني : في الإجزاء ، فأما الاستحباب في قدر ما يأكل منه فعلى قولين :
أحدهما : هو قوله في القديم يأكل ويدخر الثلث ويهدي إلى المتحملين الثلث ويتصدق على المساكين بالثلث لقوله تعالى : ( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا القَانِعَ وَالمُعْتَر ) ( الحج : 36 ) فاقتضى فجعله مشتركاً بينه وبين القانع والمعتر أن يكون بينهم أثلاثاً .
قال ابن عباس : القانع الذي يقتنع بما أخذه ولا يسأل ، والمعتر هو الذي يعتريك بالسؤال وهو الملح .
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد إن المستحب أن يأكل ويدخر النصف ويتصدق على المساكين بالنصف لقوله تعالى : ( فَكُلُوا وَأَطْعِمُوا البَائِسَ الفَقِيرَ ) ( الحج : 28 ) .
أحدهما : أن يضمن منه قدر الجائز وهو القليل الذي لو تصدق به أجزأه .
والوجه الثاني : إنه يضمن منه قدر الاستحباب وفي قدر الاستحباب قولان على ما مضى . أحدهما : النصف .
والثاني : الثلث ، ثم إذا لزمه ضمان قدر منه ففي كيفية ضمانه ثلاثة أوجه مضت .