الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص371
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد ، وبه قال أبو حنيفة إنه يلزمه من النعم ما يجوز أضحية وذلك الثني من الإبل والبقر والماعز والجزع من الضأن ، فإن أهدى ما لا يجوز أضحية لم يجزه ، لأن الاسم المطلق إذا كان له حقيقة في اللغة ومعهود في الشرع وجب حمله على معهود الشرع دون حقيقة اللغة كالصلاة والصيام ومعهود الشرع في الهدي ما يجوز من النعم في الأضاحي دون غيرها لقوله تعالى في المتعة والإحصار : ( فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ ) ( البقرة : 196 ) ثم كان إطلاق هذا الهدي يوجب إخراج ما يجوز أضحية من النعم فكذلك إطلاق الهدي من النذر فعلى هذا أقل الواجب عليه شاة إما جذع من الضأن أو ثني من المعز فلو أخرج بقرة أو بدنة فهل يكون سبعها واجباً أو جميعها ؟ على وجهين :
أحدهما : أن يكون جميعها واجب ؛ لأن الهدي ينطلق على البدنة كانطلاقه على الشاة فلم يكن تخييره بينها وبين ما هو أقل منها موجب لإسقاط الإيجاب في بعضها كالكفارات فعلى هذا ليس له أن يأكل شيئاً منها .
والوجه الثاني : إن الواجب سبعها دون ما بقي من ستة أسباعها ، لأن كل سبع منها قد أقيم مقام شاة فاقتضى أن يكون الواجب ما قابل الشاة منها وباقيها تطوع فعلى هذا يجوز أن يأكل من ستة أسباعها والله أعلم .
إذا نذر هدياً من النعم غير معين أجزأه أن يهدي ذكراً أو أنثى لاشتراكهما في اسم الهدي وقد روى مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ( ص ) أهدى مائة بدنةٍ فيها جملٌ لأبي جهلٍ عليه برةٌ من فضة واسم الجمل يتناول الذكر دون الأنثى ، ولأن المقصود من الهدايا اللحم ولحم الذكر والأنثى سواء ، ولأنه لما استوى الذكر والأنثى في جواز الأضحية كذلك في الهدايا .