الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص355
مَحِلَّهُ ** ( البقرة : 196 ) ، ولأنه قائم مقام الأفعال التي لا يتحلل قبلها ، فكذلك الهدي الذي هو بدل منها ، فعلى هذا يكون باقياً على إحرامه إلى أن يجد الهدي ، فيتحلل به .
والقول الثاني : له أن يتحلل في المال قبل وجود الهدي ؛ لأن الهدي بدل من الأفعال ، والأفعال مبدلات من الهدي ، فلما جاز أن يتحلل من المبدل قبل فعله عند تعذره ، فأولى أن يتحلل من البدل قبل فعله عند تعذره ، فعلى هذا إن قلنا : إن الحلاق نسك يقع به الإحلال ، ويتحلل به ، وإن قلنا : إباحة بعد حظر ، نوى الإحلال ، فإذا نواه فقد حل ، وإذا قلنا : لهدي الإحصار بدل ، فلا يخلو حال المحصر من أحد أمرين :
إما أن يكون عادماً للهدي بالإعسار ، أو عادماً للهدي لتعذره مع القدرة على المال ، فإذا كان عادماً للهدي بإعساره ، فبدله الصوم ، وفيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : صيام ثلاثة أيام ، مثل كفارة الأذى .
والقول الثاني : صيام عشرة أيام كالمتمتع .
والثالث : يقوم الهدي دراهم ، والدراهم طعاماً ، ويصوم عن كل مد يوماً ، مثل جزاء الصيد .
وإن كان عادماً للهدي لتعذره مع القدرة على المال ، فهل يكون المبدل الذي ينتقل إليه طعاماً أو صياماً ؟ على ثلاثة أوجه :
أحدها : الصيام كالتمتع الذي ينتقل فيه عن الدم إلى الصيام ، وإن كان قادراً على الإطعام ، فعلى هذا في الصوم ثلاثة أقاويل – على ما مضت .
والوجه الثاني : أنه ينتقل إلى الإطعام ، لأنه أقرب إلى نفع المساكين من الصيام ، فعلى هذا في كيفيته وجهان :
أحدهما : أنه يقوم الهدي دراهم ، ويشتري بالدراهم طعاماً كجزاء الصيد .
والوجه الثاني : إنه إطعام ثلاثة آصع ستة مساكين ، كل مسكين مدان ، كفدية الأذى .
والوجه الثالث : في الأصل أنه مخير بين الإطعام والصيام ، كفدية الأذى ، وجزاء الصيد ، فعلى هذا إن عدل إلى الصيام ، ففيه ثلاثة أقاويل مضت ، وإن عدل إلى الإطعام ففي كيفيته وجهان مضيا ، ثم هل يجوز أن يتحلل قبل الصوم أو الإطعام أم يكون على إحرامه حتى يأتي بالصوم أو الإطعام ؟ على قولين :
أحدهما : يكون على إحرامه حتى يأتي به .
والثاني : يجوز أن يتحلل قبل الإتيان به .