الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص338
والقسم الثاني : أن يستخلف ما نتف من ريشه ، ويعود كما كان قبل نتف ريشه ففيه وجهان :
أحدهما : لا شيء عليه ؛ لعوده إلى ما كان عليه .
والثاني : عليه ضمان ما نقص بالنتف قبل حدوث ما استخلف ؛ لأن الريش المضمون بالنتف غير الريش الذي استخلف ، وهذان الوجهان مخرجان من اختلاف قولي الشافعي فيمن حنى على سنه فانقلعت ، فأخذ ديتها ، ثم نبتت سنه وعادت هل يسترجع منه ما أخذ من الدية أم لا ؟
والقسم الثالث : أن يمتنع الطائر فلا يعلم هل استخلف ريشه أم لم يستخلف ، فعليه ضمان نقصه وجهاً واحداً ؛ لأن الأصل أنه باق على حاله ، وأما ضمان نفسه إن تلف فلا يخلو حاله من ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يتلف من ذلك النتف ، وهو أن يمتنع بعد النتف فيطير متحاملاً لنفسه ، ويسقط من شدة الألم فيموت ، فعليه ضمان نفسه ، ويسقط ضمان نقصه ، فإن كان مما يجب فيه شاة فعليه شاة ، وإن كان مما يجب فيه قيمته ، فعليه قيمته قبل النتف .
والقسم الثاني : أن يموت من غير ذلك النتف ، إما حتف أنفه ، أو من حادث غيره ، فليس عليه ضمان نفسه ، لكن عليه ضمان نقصه .
والقسم الثالث : أن لا يعلم هل مات منه ذلك النتف أو من غيره ، فالاحتياط أن يفديه كله ، ويضمن نفسه ، لجواز أن يكون موته من نتفه ، ولا يلزمه أن يضمن إلا قدر نقصه ، لأن ظاهر موته بعد امتناعه أنه من حادث غيره .
أما أن يعيش أو يموت ، فإن عاش فعلى ثلاثة أقسام :
أحدهما : أن يعيش غير ممتنع ، ويصير مطروحاً كالكسير الزمن ، فعليه ضمان نفسه ، وفداء جميعه ، لأن الصيد بامتناعه ، فإذا صار بجنايته غير ممتنع فقد أتلفه .
والقسم الثاني : أن يعيش ممتنعاً ، ويعود إلى ما كان عليه قبل النتف ، ففيه وجهان – على ما مضى – :
أحدهما : لا شيء عليه ؛ لعدم نقصه .
والثاني : عليه ضمان ما بين قيمته عافياً ممتنعاً ومنتوفاً غير ممتنع .