الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص326
ومنهم من قال : لا يؤكل قولاً واحداً ، والفرق بين ما قتل في الحرم وبين ما قتل في الإحرام : أن المحرم قد يستبيح قتل الصيد بعد إحلاله ، والحرم لا يستباح قتل صيده بحال ، فعلى هذا لو أن محرماً قتل صيداً في الحرم فقد اختلف أصحابنا هل يغلب حكم الحرم أو حكم الإحرام على وجهين .
قال الماوردي : قد مضى الكلام فيما يحرم على المحرم من قتل الصيد وما يلزمه من الجزاء فيه ، وأنه بعد إحلاله يستبيح من قتل الصيد ما كان محظوراً عليه في إحرامه ، وإذا كان هذا مقرراً فلا يخلو حال المحرم : إما أن يكون إحرامه بحج أو بعمرة ، فإن كان إحرامه بعمرة فله إحلال واحد قد ذكرناه وهو الطواف والسعي والحلاق ، فإذا فعل ذلك فقد حل من إحرامه ، وإن طاف وسعى ولم يحلق فهل يتحلل أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : قد حل إذا قيل : إن الحلق إباحة بعد حظر .
والقول الثاني : أنه باق على إحرامه يلزمه جزاء الصيد بقتله إذا قيل : إن الحلق نسك يتحلل به .
وأما الحج فله إحلالان فإن قيل : إن الحلق إباحة بعد حظر كان إحلاله الأول بواحد من شيئين : إما الرمي أو الطواف ، وإحلاله الثاني بهما جميعاً ، وإن قيل : إن الحلق نسك يتحلل به كان إحلاله الأول بشيئين من ثلاثة : إما الرمي والحلق ، أو الرمي والطواف ، أو الحلاق والطواف . وإحلاله الثاني بالثلاثة كلها ، فإذا تقرر هذا فإن حل من حجه الإحلال الثاني حل له قتل الصيد ، وإن حل إحلاله الأول دون الثاني فهل يحل له قتل الصيد أم لا ؟ على قولين ذكرناهما :
أحدهما : قد حل ولا جزاء عليه .
والثاني : هو حرام عليه ، وإن قتله كان عليه الجزاء .