الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص325
جزاء فيه بحال ، وجعلا ملكه واستئناسه مخرجاً له من حكم الصيد الوحشي إلى حكم الحيوان الإنسي استدلالاً بشيئين :
أحدهما : أن قالوا : لأنه حيوان مملوك فوجب أن لا يجب في قتله الجزاء ، كالنعم من الإبل والبقر والغنم .
والثاني : أن قالوا : الجزاء بدل والقيمة بدل ، ولا يجمع بدلان في متلف واحد في وقت واحد ، فلما وجبت القيمة سقط الجزاء ، ودليلنا : قوله تعالى : ( لاَ تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلَ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) ( المائدة : 95 ) فأوجب الجزاء في جنس الصيد ؛ لأن الألف واللام تدخلان للجنس إذا لم يكن معهوداً يعم المملوك وغير المملوك ، ولأن حيوان منع من قتله لحرمة الإحرام ، فوجب أن يجب عليه الجزاء بقتله ، كالصيد الذي لم يملك ، ولأنه حق الله يجب في قتل حيوان غير مملوك ، فوجب أن يجب في قتل حيوان مملوك كالرقبة في كفارة القتل ، ولأنه لو خرج بالاستئناس عن حكم الصيد إلى حكم الإنسي حتى لا يجب في قتله الجزاء لوجب أن يصير كالإنس في جواز الأضحية به ، ولوجب إذا توحش الإنسي من النعم أن يصير في حكم الصيد ، فيجب في قتله الجزاء ، ولا تجوز الأضحية به ، فلما كان الإنسي إذا توحش على حكم أصله ، والوحش إذا تأنس أن لا تجوز الأضحية به على حكم أصله ؛ وجب أن يكون في إيجاب الجزاء على حكم أصله .
وأما قياسهم على النعم فالمعنى في النعم : أن الجزاء لما لم يجب فيما توحش منه لم يجب في غيره ، وليس كذلك الصيد .
وأما قولهم : إن بدلين لا يجتمعان في مبدلٍ واحد ، فالجواب أن يقال : إنما لا يجتمعان في مبدلٍ واحد وإذا اتفقا فأما مع اختلافهما ، فيجوز اتفاقهما كما تجتمع الدية والكفارة في قتل الآدمي .