پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص317

الصيد في الحرم ليستبيحوا ما أحل الله لهم ، وقد قال الشافعي : لم تكن لحوم الصيد تباع بمكة إلا بين الصفا والمروة ، فأما الجواب عن قوله تعالى : ( وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً ) ( آل عمران : 97 ) فمن وجهين :

أحدهما : أن لفظة ‘ من ‘ لا تتناول ما لا يعقل .

والثاني : أن قوله تعالى ( وَمَن دَخَلَهُ ) والصيد لم يدخله وإنما أدخل إليه ، فأما قوله ( ص ) : ‘ لا ينفر صيدها ‘ لا يتناول ما أدخل إليها لأنه ليس من صيدها ، وأما قياسهم على الإحرام فمنعاهما يختلف ؛ لأن الله تعالى حرم قتل الصيد على المحرم ، وحرم قتل صيد الحرم ، وما أدخل الحرم مصيداً لم يكن من صيد الحرم ، فجاز قتله ، وما صيد قبل الإحرام ثم أحرم فهو قتل صيد من محرم ، فوجب أن يحرم قتله .

فصل

: فأما صيد الحل إذا صاده محل ثم أحرم فهل يزول ملكه عن الصيد بإحرامه أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : أن ملكه لا يزول عنه ، ولا يضمنه إلا بالجناية عليه ، وبه قال في ‘ الإملاء ‘ ؛ لأن الإحرام عبادة ، فوجب أن لا يزيل الملك كسائر العبادات ، ولأنه ملك لمحل ، فوجب أن لا يزول ملكه عنه بالإحرام كسائر الأموال .

والقول الثاني : أن ملكه قد زال عنه بإحرامه ، وإن تلف فعليه ضمانه ، ووجهه : أنه صيد يلزمه الجزاء بقتله ، فلم يصح أن يكون في ملكه قياساً على ابتداء صيده في إحرامه ؛ ولأن كل شيء لا يراد للبقاء ، فإذا منع الإحرام من ابتدائه مع من استدامته ، كاللباس طرداً والنكاح عكساً ، فإذا تقرر توجيه القولين فإذا قلنا بالقول الأول وأن ملكه لا يزول عنه بإحرامه فحكمه حكم سائر أمواله إلا في شيء واحد وهو أنه لا يجوز ذبحه ، فإن ذبحه فعليه الجزاء ، وما سوى ذلك ففعله جائز فيه ، فيجوز أن يبيعه ويهبه ، ولا يلزمه تخليته ، وإن قتله غيره كان عليه قيمته ، وإن أرسله كان أحق به من غيره ، وإذا حل من إحرامه جاز أن يذبحه ولا جزاء عليه ، وإن مات إحلاله فلا شيء عليه ، وإن قلنا بالقول الثاني : أن ملكه قد زال عنه بإحرامه فحكمه حكم ما صاده من إحرامه ، فلا يكون مالكاً له وعليه تخليته ، ولا يجوز له بيعه ولا هبته ، فإن وهبه لغيره كان ضامناً له حتى يرسله الموهوب له ، وإن أرسله من يده فهو وغيره فيه سواء ، وإن اغتصبه غيره من يده فأرسله فلا شيء على مرسله ، وإن مات في يده فعليه جزاؤه ، وإن قتله غيره نظر في القاتل فإن كان محلاً فالجزاء على المحرم ؛ لأنه ضمنه باليد ، وإن كان القاتل محرماً فعلى وجهين كما قلنا في الممسك والقاتل إذا كانا محرمين :

أحد الوجهين : أن الجزاء عليهما نصفين ؛ لأن الممسك ضامن بيده ، والقاتل ضامن بفعله .