الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص312
والوجه الثاني : وهو أصح إن شاء الله تعالى : أن فيه الجزاء ؛ لعموم قوله ( ص ) : ‘ ولا يعضد شجرها ‘ ؛ ولأن الحرمة للحرم لا للشجر ، فلا فرق بين ما أنبته الله تعالى في الحرم وبين ما نقله الآدميون من الحل إلى الحرم ، ألا ترى لو أن حلالاً صاد من الحل صيداً وأطلقه في الحرم كان كصيد الحرم ؛ لحرمة المكان ، فكذلك الشجر .
أحدهما : ما زرعه الآدميون ، كالبقول والحبوب وسائر الخضراوات ، فحكمه في الحرم كحكمه في الحل ، مباح لمالكه ومحظور على غير مالكه ، ولا جزاء في جزه ولا قطعه .
والضرب الثاني : ما ينبت في الموات من غير زراعة آدمي ، فهذا على أربعة أضرب :
أحدها : ما كان إذخر ، فيجوز أخذه وجزه وقلعه ؛ لقول العباس بن عبد المطلب : إلا الإذخر يا رسول الله فإنه لسقفهم ولقينهم فقال : إلا الإذخر .
والضرب الثاني : ما كان دواء كالسناء وما في معناه ، فأخذه جائز ولا شيء فيه ؛ لأنه لما أباح أخذ الإذخر لمنفعته فكذلك الدواء لحصول الانتفاع به .
والضرب الثالث : ما كان شوكاً ، كالعوسج وما في معناه ، فقلعه مباح ولا شيء في إتلافه ؛ لأنه مؤذ فشابه البهائم المؤذية التي لا جزاء في قتلها كالسباع وغيرها .
والضرب الرابع : ما كان حشيشاً ، فلا يجوز أن يقلع ولا أن يقطع ؛ لقوله ( ص ) : ‘ ولا يختلى خلاؤها ) ، لكن يجوز أن ترعاه البهائم ، وقال أبو حنيفة : تمنع البهائم من رعيه ؛ لما روي أن عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) رأى أعرابياً يعلف راحلته فمنعه ، وهذا ليس بصحيح ؛ لما رواه أبو هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ ولا يختلى خلاؤها إلا لعلف دواب ‘ ولأن في امتناع أهل الحرم من رعيه إضرار بمواشيهم ، وضيق عليهم ، وقد قال تعالى : ( وَمَا جَعَلَ