الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص305
عليه وهو لا يعلم أو يدفع إلى القاتل آلةً لولاها ما قدر القاتل على قتله فيكون المحرم حينئذٍ قاتلاً يجب عليه الجزاء ويحرم عليه الأكل .
فأما من ذهب إلى تحريمه على المحرم بكل حالٍ فاستدل بحديث الصعب بن جثامة قال : أهديت لرسول الله ( ص ) لحم حمارٍ وحشي ، وهو بالأبواء ، أو بودان ، فرده علي فلما رأى الكراهة في وجهي قال : إننا لسنا براديه عليك ولكننا حرمٌ .
وأما أبو حنيفة حيث ذهب إلى إباحته للمحرم ، وإن صيد من أجله أو أعان على قتله فاستدل بأن قال : لأنه صيدٌ لم يضمنه المحرم ، فوجب ألا يحرم أكله على المحرم أصله إذا صاده المحل لنفسه بغير معونة المحرم والدلالة عليهما رواية المطلب بن عبد الله بن جابر بن عبد الله عن النبي ( ص ) قال : ‘ لحم صيد البر لكم حلالٌ وأنتم حرمٌ ما لم تصيدوه أو يصاد لكم ‘ ، فقوله : ‘ لحم صيد البر لكم حلالٌ وأنتم حرمٌ ‘ دلالةٌ على من منع من أكله ، وقوله : ‘ ما لم تصيدوه أو يصاد لكم ‘ دلالة على أبي حنيفة حيث قال : يجوز أن يأكله من صيد له .
وروى عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه : ‘ أنه كان مع قومٍ وهم محرمون فأصابوا حمار وحشي فأتوا رسول الله ( ص ) فاستفتوه فقال هل ضربتم أو أعنتم أو أشرتم ؟ قالوا : لا ، قال : فكلوا ، فلما سألهم عن الضرب والإعانة دل على أنه حرامٌ عليهم بوجود الضرب والإعانة .
وروى عمرو بن أبي سلمة عن أبيه قال : حج عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) فلما بلغ العرج أهدى له صاحب العرج قطاً مذبوحاتٍ ، فقال لأصحابه : كلوا ، ولم يأكل هو ، وقال : إنما صيد من أجلي .
ولأنه صيدٌ قتل بمعونةِ المحرم فوجب أن يحرم أكله على المحرم أصله ، إذا كان المحل لا يصل إلى قتله إلا بمعونة المحرم فأما حديث الصعب بن جثامة فعنه جوابان :
أحدهما : أنه محمولٌ على أنه قد صاده لرسول الله ( ص ) ؛ فلذلك رده عليه وهو الأشبه بالحال .
والجواب الثاني : أنه إنما رده تنزيهاً ، وهو الأولى بالمحرم .
وأما قياس أبي حنيفة على الصيد إذا قتله المحل بغير معونة المحرم فالمعنى ما ذكرنا في قياسنا .