پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص273

يستحق عليه عوضاً ألا ترى أن من استؤجر لبناء حائط فجمع الآلة للبناء ثم لم يبن لم يستحق شيئاً من الأجرة لعدم المقصود بالعقد كذلك الإجارة على الحج ، وقد خرج قول آخر أن له من الأجرة بقدر المسافة مخرج من اختلاف قوليه في الأجرة هل تتقسط على المسافة والعمل أم لا وهو مذهب أبي سعيد الإصطخري وهذا غير صحيح ؛ لأن المسافة إنما تتقسط الأجرة عليها على أحد القولين إذا اقترن بها العمل المقصود فأما إذا لم يقترن بها العمل فلا تتقسط عليها الأجرة ، فإذا ثبت أنه لا يستحق بذلك شيئاً من الأجرة نظر في الإجارة فإن كانت معينة بطلت وإن كانت في الذمة لم تبطل .

والوجه الثاني : أن يموت بعد التوجه في سفره وبعد مجاوزة ميقاته وقبل الإحرام بنسكه فالكلام في استحقاق الأجرة بسفره على ما مضى لكن قد اختلف أصحابنا هل وجب عليه لمجاوزة الميقات دم أم لا ؟ على وجهين :

أحدهما : قد وجب عليه دم في ماله ؛ لأنه قد جاوز الميقات مريداً الإحرام كالحي .

والوجه الثاني : وهو الصحيح لا دم عليه ؛ لأن مجاوزة الميقات إنما يجب بها الدم إذا تعقبها الإحرام والموت قاطع عن الإحرام فصار كمن مر بميقاته مريداً الحج فلم يحرم في عامه ولا دخل مكة بعد مجاوزته فهذا الكلام فيما إذا مات قبل الإحرام .

فصل

: وأما القسم الثاني : في الأصل وهو أن يموت بعد الإحرام وبعد كمال الأركان فقد سقط فرض الحج عن المستأجر واستحق الأجير الأجرة لإتيانه بالأعمال المقصودة فأما الباقي من مناسك الحج كالرمي والمبيت بمنى وغير ذلك من سنن الحج فضربان :

أحدهما : ما لم يجب بتركه دم وإن كان مأموراً به كالمبيت بمزدلفة ومنى إذا جعلنا الدم فيه مستحباً فهذا الحج فيه مجزئ ويسترجع من الأجرة بقسط ما ترك .

والضرب الثاني : ما يوجب دماً ففي مال الأجير الدم الواجب في تركه ذلك وهل يسترجع من الأجرة بقسط هذه الأعمال الباقية على ما ذكرنا من اختلاف أصحابنا في رد الأجرة بترك ما أوجب دماً فمنهم من قال ترد قولاً واحداً ومنهم من قال على قولين .

فصل

: وأما القسم الثالث : وهو أن يموت بعد الإحرام وقبل كمال الأركان كأنه أحرم وأتى ببعض الأركان وبقي بعضها ثم مات قبل إكمالها فهذا على ضربين :

أحدهما : أن تكون الإجارة معنية .

والثاني : أن تكون في الذمة . فأما الضرب الأول وهو أن تكون الإجارة معينة فقد بطلت فيما بقي من الأركان فأما الماضي منها فثوابه للمستأجر دون الأجير لأن الموت لم ينقل الإحرام عن المستأجر إلى الأجير وهل يستحق الأجير من الأجرة يقسط ما عمل من الأركان أم لا ؟ على قولين :