پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص248

ودليلنا قوله تعالى : ( فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ ) ( البقرة : 275 ) وهذا المرتد إذا أسلم بعد ردته فقد انتهى بموعظة من ربه فوجب أن يكون له ما سلف من عمله وقال تعالى : ( وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولِئِكَ حَبِطَتْ أعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ ) ( البقرة : 217 ) وهذا نص في أن حبط العمل لا يكون بنفس الردة حتى يقترن بالموت وفيها انفصال عن الاثنين ، ولأن كل من لزمه حجة الإسلام لم تلزمه حجة أخرى بأصل الشرع كالمسلم غير المرتد .

فأما الجواب عن الاثنين فقد مضى وأنهما محمولتان على من مات مرتداً .

وأما قوله : ‘ الإسلام يجب ما كان قبله ‘ فلا دليل فيه لأنا قد أجمعنا أن الإسلام لا يجب ما كان قبله لأنهم يقولون إن عمله يحبط بالردة ، ونحن نقول بالردة وبالموت وما أحد منا يقول إن عمله يحبط بالإسلام فسقط الاستدلال به لأن ظاهره متروك .

وأما قياسهم على الكافر الأصلي فالمعنى في الكافر الأصلي : أنه لم يسقط حجة الإسلام عن نفسه فلذلك لزمه فعلها وليس كذلك المرتد .

وأما قولهم إن عمله إما أن يحبط بالموت أو بالردة .

قلنا : لا بل عمله يحبط بهما فأما بأحدهما فلا والله أعلم .

مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ ولو أفسد العبد حجه قبل عرفة ثم أعتق والمراهق بوطء قبل عرفة ثم احتلم أثما ولم تجز عنهما من حجة الإسلام لأنه روي عن النبي ( ص ) أن امرأةً رفعت إليه من محفتها صبيا فقالت يا رسول الله ألهذا أحج قال ‘ نعم ولك أجر ‘ ( قال ) وإذا جعل له حجاً فالحاج إذا جامع أفسد حجه ( قال المزني ) وكذلك في معناه عندي يعيد ويهدي ‘ .

قال الماوردي : إذا أحرم العبد بالحج ثم وطء فيه فمذهب الشافعي أنه كالحر قد فسد حجه ولزمه إتمامه وقضاؤه وقال بعض أصحابنا : لا قضاء عليه تخريجاً من أحد القولين في الصبي ؛ لأن العبد ممن لا يلزمه فرض الحج ، وهذا خطأ ؛ لأن العبد ممن يلزمه الحج بالدخول فيه وإن لم يلزمه حجة الإسلام ، فإذا ثبت أن القضاء عليه واجب فهل يقضي في حال رقه أو بعد عتقه ؟ على وجهين :

أحدهما : بعد عتقه فإن قضاه في حال رقه لم يجزه ، لأن القضاء فرض والعبد ممن لا يصح منه فرض الحج .

والوجه الثاني : وهو منصوص الشافعي يجوز أن يقضيه في حال رقه ؛ لأنه لما لم يكن الرق مانعاً من وجوب القضاء عليه لم يكن مانعاً من إسقاط فرض القضاء عنه فعلى هذا إن