پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص205

رخصة في ترك المبيت بمنى إلا لرعاء الإبل وأهل سقاية العباس دون غيرهم ولا رخصة فيها إلا لمن ولي القيام عليها منهم وسواء من استعمل عليها منهم أو من غيرهم لأن النبي ( ص ) أرخص لأهل السقاية من أهل بيته أن يبيتوا بمكة ليالي منىً ‘ .

قال الماوردي : أما المبيت بمنى في ليالي منى فسنة لأن رسول الله ( ص ) بات بها وأرخص للرعاة وأهل السقاية في التأخر عنها فدل على أن من لم يرخص له في التأخير محظور عليه التأخير عنها وإذا كان كذلك فلا يجوز ترك المبيت بمنى إلا لمن أرخص له رسول الله ( ص ) في ترك المبيت بها وهما طائفتان :

أحدهما : رعاة الإبل ، والطائفة الثانية أهل سقاية العباس قال الشافعي : دون غيرهم من السقايات وسواء من ولي القيام عليها منهم أو من غيرهم .

وقال مالك : الرخصة لمن ولي عليها من بني العباس دون غيرهم ، وهذا خطأ ؛ لأن الرخصة إنما كانت لاشتغالهم بإصلاح الشراب وإسقاء الماء معونة للحاج وإرفاقهم له فكان غيرهم ممن ولي ذلك في معناهم ، فأما أصحاب الأعذار من غير هؤلاء الطائفتين كالخائف والمريض والمقيم على حفظ ماله فعلى وجهين مضيا ، فإذا ثبت هذا فكل من جاز له ترك المبيت بمنى ممن ذكرنا جاز له ترك الرمي في اليوم الأول من أيام منى فإذا كان في اليوم الثاني أتى منى عن أمسه ثم عن يومه وأفاض منها في يومه مع النفر الأول .

فأما غير من ذكرنا من أهل الأعذار فلا يجوز لهم ترك المبيت بها في الليلة الثالثة إن أفاضوا من النفر الأول فأما من ترك المبيت في الليلة الأولى ولا في الليلة الثانية ويجوز ترك المبيت بها في الليلة الأولى وبات في الليلة الثانية لم يجز أن يفيض في النفر الأول ولزمه أن يبيت في الليلة الثالثة لأن من بات في الليلة الأولى والثانية جاز أن يفيض في النفر الأول ويدع المبيت في الليلة الثالثة لأنه قد أتى بأكثر النسك ومعظمه فرخص له في ترك الأقل ومن بات في الليلة الثانية دون الأولى فقد أتى بأقل النسك فلم يجز أن يرخص له في ترك الأكثر وإذا بات أكثر ليله بمنى أجزأه أن يخرج أول ليله أو آخره عن منى .

قال الشافعي : ولو شغله طواف الإفاضة حتى يكون ليله أو أكثره بمكة لم يكن عليه فدية من قبل إن كان لازماً له من عمل الحج وإنه كان له أن يعمله في ذلك الوقت وإنه لو كان عمله تطوعاً اقتداء قال الشافعي في القديم : واستحب للإنسان أن ينزل بمنى في الخيف الأيمن منه ؛ لأنه منزل رسول الله ( ص ) .

فصل

: فأما الفدية في ترك المبيت فإن ترك ليلة فمذهب الشافعي ومنصوصه أن عليه مدا من طعام ، وفيها قول ثان أن عليه درهماً ، وفيها قول ثالث : أن عليه ثلث شاة كما قلنا في الشعرة والحصاة فإن ترك ليلتين فعليه مدان .