الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص199
ويأمرهم أن يختموا حجتهم بتقوى الله وطاعته وأن يكونوا بعد الحج خيراً منه قبله فقد روى أبو حاتم عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ من حج فلم يرفث ولم يفسق فرجع رجع كيوم ولدته أمه ‘ .
وروى جابر بن عبد الله أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ الحج المبرور ليس له جزاءُ إلا الجنة قال : قيل : يا رسول الله فما بر الحج قال : طيب الكلام وإطعام الطعام ‘ .
وروي عن رسول الله ( ص ) أنه قال : ‘ من علامة الحج المبرور أن يكون المرء بعد حجه خيراً منه قبله ‘ ، فإن أراد الإمام أن ينفر في النفر الأول وعجل الخطبة قبل الزوال ليتعجل النفر جاز وإن أراد أن ينفر في النفر الثاني خطب وأقام وقد تسمى هذه الخطبة خطبة الوداع لأنها آخر الخطب وأنه ربما نفر بعدها في النفر الأول فكان مودعاً بها ولو تركها فلا فدية عليه .
مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : ‘ فمن لم يتعجل حتى يمسي رمى من الغد فإذا غربت الشمس انقضت أيام منى ‘ .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن المبيت بمنى في ليالي التشريق سنة والرمي في الأيام الثلاثة نسك والنفر من منى نفران فالنفر الأولى في اليوم الثاني عشر والنفر الثاني في اليوم الثالث عشر فإن نفر في اليوم الأول كان جائزاً وسقط عنه المبيت بمنى في ليلته وسقط عنه رمي الجمار من غده .
وأصل ذلك الكتاب والسنة وإجماع الأمة قال تعالى : ( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أيَّامٍ مَعْدُودات ) ( البقرة : 203 ) يعني : أيام منى ( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلاَ إثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللهَ ) ( البقرة : 203 ) .
وروى بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي قال : سمعت النبي ( ص ) يقول : ‘ الحج عرفات فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج ، أيام منى ثلاثةٌ فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ‘ .
فإذا ثبت جواز التعجيل في النفر الأول فالمقام إلى النفر الثاني أفضل لأن النبي ( ص ) لم يتعجل وأقام إلى النفر الثاني فكان الاقتداء بفعله أولى ، ولأن التعجيل رخصة والمقام كمال ، ولأن التعجيل قد ترفه بترك بعض الأعمال والمقيم لم يتركه .
فأما الأيام فينبغي أن لا يتعجل بل يقيم إلى النفر الأخير ليقيم الناس معه ويقتدوا به فإن تعجل فلا إثم عليه ؛ لأنها في الإباحة كغيره .