الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص194
قال الماوردي : قد مضى الكلام فيما يفعله الحاج يوم النحر وإن آخر ما يفعله الطواف بالبيت وقد حل إحلاله الثاني من حجه إلى الرمي في أيام منى الثلاثة والمبيت بها فيرمي في أيام منى الثلاثة وهي أيام التشريق في كل يوم إحدى وعشرين حصاة في الجمرات الثلاثة في كل جمرة سبع حصيات فإن ذلك نسك في أيام التشريق واجب وأيام التشريق هي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر في تسميتها بذلك تأويلان :
أحدهما : أنها سميت بذلك لإشراقها نهاراً بنور الشمس وإشراقها ليلاً بنور القمر .
والثاني : أنها سميت بذلك لأن الناس يشرقون اللحم فيها في الشمس . قال الأخطل :
وقد سمي اليوم الأول منها وهو الحادي عشر يوم القر وقد روى عبد الله بن قرط عن النبي ( ص ) أنه قال أفضل الأيام عند الله تعالى يوم النحر ثم يوم القر . قال أبو عبيد : هو الغد من يوم النحر وإنما سمي يوم القر ؛ لأن أهل الموسم يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر في تعب من الحج فإذا كان الغد من يوم النحر قروا بمنى فلهذا سمي يوم القر ويسمى اليوم الثاني من أيام التشريق يوم النقر الأول ويسمى اليوم الثالث يوم الخلاء لأن منى تخلوا فيه من أهلها .
وقال طاوس وعكرمة يجوز أن يرمي قبل الزوال كيوم النحر .
وقال أبو حنيفة لا يجزئه في اليومين الأولين إلا بعد الزوال ويجزئه في اليوم الثالث قبل الزوال استحباباً لا قياساً ودليلنا ما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي ( ص ) كان بمنى ليالي أيام التشريق فكان يرمي بعد الزوال في كل جمرة سبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف بعد الجمرة الأولى والثانية طويلاً ويدعو ويتضرع ويرمي الثالثة ولا يقف وروى أبو الزبير عن جابر أن النبي ( ص ) رمى جمرة يوم النحر ضحى وسائر أيام التشريق بعد ما زالت الشمس .