الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص164
في عامه ، وقال أبو حنيفة : إن ساق هدياً وأراد الحج في عامه لم يجز أن يتحلل وكان باقياً على إحرامه حتى يكمل الحج وقد تقدم الكلام معه فيه فلم يحتج إلى إعادته .
قال الماوردي : وهذا كما قال السنة في المعتمر أن يكون على تلبيته حتى يفتتح الطواف فإذا افتتحه قطع التلبية ، وقال مالك إن كان محرماً من ميقات بلده قطع إذا دخل أرض الحرم ، وإن كان محرماً من أدنى الحل كالتنعيم قطع التلبية عند بيوت مكة ؛ تعلقاً برواية نافع عن ابن عمر أنه كان يقطع التلبية إذا دخل الحرم .
والدلالة على ما قلنا ما روى ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس عن النبي ( ص ) قال : ‘ يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر ‘ وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي ( ص ) اعتمر ثلاث عمر ، كل ذلك يلبي حتى يستلم الحجر ، ولأن التلبية لأجل الإحرام ، فوجب أن يستديمها إلى أن يشرع في التحلل من الإحرام وذلك بالمشروع في الطواف فوجب أن يكون على تلبيته حتى يستلم الحجر للطواف .
وهذا كما قال ، السنة في النساء التقصير ، والحلق لهن مكروه ؛ لرواية ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ ليس على النساء حلق إنما على النساء تقصير ‘ ، ولأن الحلق فيهن مثلة ، ونهي عن المثلة ؛ فإذا أرادت التقصير قال الشافعي : أخذت من شعرها قدر أنملة ، وتعم جوانب رأسها كلها ، ولا تقطع ذوائبها لأن ذلك يشينها ولكن تسل الذوائب وتأخذ من تحته قصاصه ومن الموضع الذي لا يبين فتحه ، فلو حلقت أساءت وأجزأها .
قال الماوردي : وهذا كما قال القارن بين الحج والعمرة في إحرامه كالمفرد يجزئه لها طواف واحد وسعي واحد وهو إجماع الصحابة وقول الأكثرين من التابعين والفقهاء ، وقال أبو حنيفة والثوري : عليه طوافان وسعيان ؛ استدلالاً بقوله تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِ ) ( البقرة : 196 ) فكان الأمر بإتمامهما يوجب الإتيان بأفعالهما ، وروى عمران بن الحصين أن النبي ( ص ) قال : ‘ من جمع بين الحج والعمرة فعليه طوافان ‘ وروى عمارة بن عبد الرحمن قال حججت مع إبراهيم بن محمد ابن الحنفية رضي الله عنهم فطاف طوافين ، وقال حججت مع محمد ابن الحنفية فطاف طوافين وقال حججت مع علي رضي الله عنه فطاف طوافين وقال حججت مع النبي ( ص ) فطاف طوافين .