الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص153
ودليلنا هو أن طواف الحامل والمحمول فعل واحد فلم يجز أن يؤدي بالفعل الواحد فرض طوافين فوجب استحقاق فعلين وخالف الوقوف بعرفة ؛ لأن الوقوف لبث لا يتضمن فعلاً وكذلك لو وقف نائماً أجزأه ، والطواف فعل مستحق وهو من أحدهما فلم يجز عنهما ، ثم إذا طاف راكباً أو محمولاً فإنه يضطبع ، فأما الرمل فعلى قولين :
أحدهما : وهو قوله في القديم لا رمل عليه ؛ لأنه مسنون في الماشي ليستدل به على نشاطه وصحته وهذا معدوم في المحمول والراكب .
والقول الثاني : وهو قوله في الجديد يرمل به إن كان محمولاً ويخبب بيديه إن كان راكباً ؛ لأن كل من كان مسنوناً في طواف الماشي كان مسنوناً في طواف المحمول والراكب كالاضطباع .
قال الماوردي : وهذا كما قال ، إذا أكمل الطائف طوافه سبعاً صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم ، يقول فيهما بما ذكره الشافعي ؛ لرواية جعفر بن محمد عن أبيه جابر أن النبي ( ص ) طاف بالبيت سبعاً ، وصلى عند المقام ركعتين وقرأ : ( وَاتَّخذُوا مِنْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلَّى ) ( البقرة : 125 ) وقد علق الشافعي القول في هاتين الركعتين فخرجهما أصحابنا على قولين :
أحدهما : إنهما واجبتان ؛ لقوله تعالى : ( وَاتَّخذُوا مِنْ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلَّى ) ( البقرة : 125 ) يعني صلاة ، ولأن رسول الله ( ص ) فعلهما ، وفعله إما أن يكون بياناً أو ابتداء شرع ، وأيهما كان دل على الوجوب .
والقول الثاني : إنهما مستحبان ؛ لقوله ( ص ) للأعرابي حين قال هل عليّ غيرها قال : لا . إلا أن تتطوع فجعل ما سوى الخمس تطوعاً .
وروى ابن عمر قال سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ من طاف أسبوعاً وصلى ركعتين كان له كعدل رقبةٍ ‘ وأخرجه مخرج الفضل وجعل له ثوابه محدوداً فدل على أنه تطوع ؛ لأن الواجب غير محدود الثواب .