الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص151
الْعَتِيقِ ) ( الحج : 29 ) مع قوله ( ص ) : ‘ خذوا عني مناسككم ‘ ولأنها عبادة تفتقر إلى البيت فوجب أن يكون التنكيس مانعاً من صحتها كالصلاة ؛ ولأنها طواف منكس فوجب أن لا يجزئ فاعله كالمقيم بمكة ، فأما استدلاله بالآية فغير صحيح ؛ لأن التنكيس مكروه والأمر لا يجوز أن يتناول المكروه .
أحدهما : أن السعي والطواف سبعة أشواط وتر غير شفع والتو الوتر .
والثاني : معناه أن الطواف والسعي والرمي في الحج واحد لا يثنى في القران وهو فيه كالإفراد ، وإن رجع إلى أهله قبل إتمام طوافه كان على إحرامه ولزمه العود لإتمام طوافه ، وقال أبو حنيفة : إن طاف أقل من أربعة أطواف لم يجزه ، وإن طاف أربعة أطواف فإن كان مقيماً بمكة لم يجز ، وإن رجع إلى أهله أجزأه وعليه دم ؛ تعلقاً بظاهر قوله تعالى : ( وَلْيَطَوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ ) ( الحج : 29 ) وبأن معظم الشي يقوم مقام جميع الشيء ، كما لو أدرك الإمام راكعاً كان كما لو أدركه قائماً .
ودليلنا رواية جابر وابن عمر أن النبي ( ص ) رمل ثلاثاً ومشى أربعاً وهذا الفعل منه إما أن يكون بياناً لقوله تعالى : ( وَلْيَطَوَّفُوا بِالبَيْتِ الْعَتِيقِ ) واستئناف نسك يؤخذ من فعله ، وأيهما كان فهو واجب ، ولأنه طواف لم يكمل عدده فوجب أن لا يقع به التحلل ، كالمقيم بمكة لم يجزه بدم ، فوجب إذا تركه غير المقيم بمكة أن لا يجزئه بدم قياساً عليه إذا طاف ثلاثاً وترك أربعاً .
فأما الآية فلا دلالة لهم فيها ؛ لأننا وإياهم نعدل عن ظاهرها .
وأما قولهم إن معظم الشيء يقوم مقام الشيء فغير صحيح ؛ لأنه ينقص بسائر العبادات من أعداد الركعات وغيرها ، على أنه إذا أدرك الإمام راكعاً فقد يحمل عنه ما فاته فلذلك ما اعتد به وليس كذلك الطواف .