الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص144
قال فجعل النبي ( ص ) كأنه يعجب من قوله : ‘ بها أمشي بلا هادي ‘ . وروى محمد بن السائب عن أمه قالت : طفت مع عائشة رضي الله عنها فذكروا حسان بن ثابت في الطواف فسبوه فقالت عائشة : لا تفعلوا أليس هو الذي يقول :
فقيل لها : أليس هو الذي قال ما قال في الإفك فقالت عائشة : أليس قد تاب ثم قالت عائشة رضوان الله عليها : وإني لأرجو له . وروى سعيد بن أبي بردة عن أبيه قال : رأى ابن عمر رجلاً من أهل اليمن حاملاً أمه على عنقه وهو يقول :
وهو يطوف بالبيت فقال : يا عبد الله بن عمر أترى أني جزيتها قال : لا والله ولا بزقوة واحدة . إلا أننا نستحب ترك إنشاد الشعر وإن كان مباحاً والكلام أيسر منه .
وروى إبراهيم بن أبي أوفى أن أبا بكر رضي الله عنه كان يطوف بالبيت ويرتجز :
فقال النبي ( ص ) : ‘ قل الله أكبر الله أكبر ‘ .
قال الماوردي : وهذا كما قال : الطهارة في الطواف واجبة ، وهي شرط في صحة طهارة الأحداث وإزالة الأنجاس ، فإن طاف محدثاً أو نجساً ، لم يجزه ، وبه قال مالك وأكثر الفقهاء . وقال أبو حنيفة : طهارة الحدث وإزالة النجس واجبة في الطواف ، وليست شرطاً في صحته ، فإن طاف محدثاً أو جنباً أو نجساً فإن كان بمكة أعاد طوافه ، وإن رجع إلى بلده أجزأ عن فرضه ، ولزمه دم لجبرانه ، وربما ارتاب أصحابه أن الطهارة ليست بواجبة ، ليسوغ لهم الاستدلال تعلقاً بقوله تعالى : ( وَلْيَطَوَّفُوا بِالْبَيْتِ العَتِيقِ ) ( الحج : 29 ) واسم الطواف يتناوله وإن كان محدثاً ، فوجب أن يتناول الاسم له محرماً ، ولأنه ركن من أركان الحج ، فوجب أن لا تكون الطهارة من شرطه ، كالسعي والوقوف ، ولأنها عبادة ليس ترك الكلام