الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص140
قال الماوردي : وسمي اضطباعاً ؛ لأنه يكشف إحدى ضبعيه ، وضبعاه منكباه ، وهو سنة في الطواف والسعي . وقال مالك : ليس بسنة ؛ لأن رسول الله ( ص ) إنما فعله وأمر به في عمرة القضاء ، حين قالت قريش : أما ترون إلى أصحاب محمد ، قد وعكتهم حتى يثرب فقال لأصحابه : ارملوا واضطبعوا . كفعل أهل النشاط والجلد ليغيظ قريشاً . قال : وهذا سبب قد زال ، فيجب أن يزول حكمه .
ودليلنا أن رسول الله ( ص ) اضطبع بردائه حين طاف ، وقال : ‘ خذوا عني منساككم ‘ . وروى ابن أبي مليكة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استلم الركن لسعي ، ثم قال : لمن نبرئ الآن مناكبنا ومن نرائي وقد أظهر الله الإسلام ؟ لأسعين كما سعى . قال الشافعي : رمل مضطبعاً ، فقد أخبر بسنته ، ثم فعل مثل فعله مع زوال سببه ، وأكثر مناسك الحج ، كانت لأسباب زالت وهي باقية ، فإذا ثبت هذا ، فالاضطباع والرمل مسنون في الطواف الذي يتعقبه سعي ، وأما إذا لم يرد السعي بعده ، فلا يضطبع له ، ولا يرمل ؛ لأن رسول الله ( ص ) لم يضطبع في طواف الوداع ولم يرمل ، وإذا أراد السعي فاضطبع ، ثم أراد أن يصلي ركعتي الطواف غطى منكبيه ، فإذا سلم من الطواف ، وكشف منكبه الأيمن للاضطباع ، فلو ترك الاضطباع في بعض الطواف ، اضطبع فيما بقي منه ، ولو تركه في جميع الطواف اضطبع في السعي ولو تركه في الطواف والسعي ، فلا فدية عليه ولا إعادة .
قال الماوردي : أما الاستلام فمستحب في جميع الطواف فإن تعذر عليه الاستلام في كل طوفة فالاستلام في كل وتر أحب إلينا منه في كل شفع لقوله ( ص ) : ‘ إن الله وتر يحب الوتر ‘ ولأنه يصير مستلماً في افتتاحه وخاتمته ، ولأنه يكون أكبر عدداً ، ولا يكون ما تركه من الاستلام قادحاً في طوافه . قد روى هشام بن عروة عن أبيه أن النبي ( ص ) قال لعبد الرحمن بن عوف : يا أبا محمد كيف فعلت في استلام الركن ؟ فقال : كل ذلك قد فعلت ، استلمت الركن وتركت فقال النبي ( ص ) : ‘ أصبت ‘ .