الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص135
والقول الثاني : قاله في الجديد : لا يجزئه ؛ لأنه لما كان المستقبل للكعبة ببعض بدنه في حكم غير المستقبل ، وجب أن يكون المحاذي الحجر ببعض بدنه ، في حكم غير المحاذي ، فإذا ثبت أن عليه أن يحاذيه بجميع بدنه ، فوجب أن يكون لمسه مع أول الحجر ، ثم يجوره طائفاً ، وليس استقباله شرطاً ، وإنما محاذاته شرط .
فصل
: والثاني : أن يستلمه بيده لرواية ابن عمر أن النبي ( ص ) استلمه . وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ ليبعثن هذا الركن وله لسانٌ ، وعينان تنظران ، يشهد على من استلمه بحقٍ ‘ وروى محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده ‘ . وروى أنس بن مالك قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ الحجر يمين الله في الأرض فمن مسحه ، فقد بايع الله ‘ . وأما استلام الحجر ، فهو افتعال في التقدير مأخوذ من السلام وهي الحجارة ، وأحدها سالمة تقول : استلمت الحجر إذا لمسته من السلام قال ذو الرمة :
( تداعين باسم الشيب في متثلم
جوانبه من بصرةٍ وسلام )
فالسلام الحجارة السود ، والبصرة الحجارة البيض ، وبه سميت البصرة لما في أرضها من عدوق الحجارة البيض .
فصل
: الثالث : أن يقبله بفيه ، وكره مالك تقبيله وقال : يستلمه ، ثم يقبل يده استدلالاً بما روي أنه عليه السلام طاف في حجة الوداع على بعير ، فاستلم الركن بمحجنه وقبل طرف محجنه ودليلنا رواية محمد بن عوف عن نافع عن ابن عمر قال : ‘ استقبل رسول الله ( ص ) الحجر ، فاستلمه في وضع شفتيه عليه يبكي طويلاً ، فالتفت فإذا هو بعمر يبكي ، فقال : ها هنا تسكب العبرات . وروى ابن شهاب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل الحجر وقال : والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله ( ص ) يقبلك ما قبلتك ‘ . فقال علي بن أبي طالب : أما إنه ينفع ويضر ، سمعت النبي ( ص ) يقول : إن الله تبارك وتعالى لما أخذ العهد على آدم وذريته ، أودعه في رق وفي هذا الحجر ، فهو يشهد لمن وافاه يوم القيامة ، فقال عمر : لا أحياني الله لمعضلة لا يكون لها ابن أبي طالب حياً ‘ . قال الشافعي : ويقبل الحجر بلا تصويت ولا تطنين هكذا السنة فيه .