پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص133

تشريفاً وتعظيماً ، ومهابةً ، وتكريماً ، وزد من عظمه وشرفه ، ممن حجه أو اعتمره تشريفاً ، وتعظيماً ومهابة ، وتكريماً وتقول اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام ‘ .

قال الماوردي : إذا دخل المحرم إلى مكة ، فرأى البيت قبل وصوله إليه ، فيستحب أن يقول ما حكاه الشافعي ، فقد روي عن النبي ( ص ) يقول بعده : ‘ اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام ‘ فقد قالها سعيد بن المسيب ، وحكاه عن عمر ، ثم يصلي بعد ذلك على النبي ( ص ) . قال الشافعي : وما قال من حسن أجزأه ، ويستحب أن يرفع يديه عند دعاه إذا رأى البيت ، وحكي عن جابر أنه كره رفع اليدين عند رؤية البيت ، وقال : ما أعرف ذلك إلا لليهود ، وقد سافرنا مع رسول الله ( ص ) فلم يفعل ذلك . والدلالة عليه رواية مقسم عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ ترفع الأيدي في الصلاة وإذا رأيت البيت ، وعلى الصفا والمروة ، وعشية عرفة ، وبجمع ، وعند الجمرتين ، وعلى البيت . وروى حبيب عن طاوس قال : لما رأى النبي ( ص ) رفع يديه فوقع زمام ناقته ، فأخذه بشماله ورفع يده اليمنى .

قال الشافعي : إذا دخل مكة لم يبدأ بشيء قبل دخول المسجد الحرام ويختار أن يكون دخوله من الباب الأعظم الذي يلي المعلاة والردم ، وهو باب بني عبد شمس ، الذي يعرف اليوم ببني شيبة ؛ لأن رسول الله ( ص ) من تلك الجهة قصد ، ولأنه يكون محاذياً لوجه الكعبة ، وبابها والمنبر ، والمقام والركن ، وقد قال تعالى : ( وَأْتُواْ البُيُوتَ مِنْ أبْوَابِهَا ) ( البقرة : 189 ) . ولأن كل مقصود فسبيله أن يؤتى من قبل وجهه ، لا من ظهره ، وليكون من قوله عند دخوله ، ما رواه أبو حميد الساعدي قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ إذا دخل أحدكم المسجد فليصل على النبي ( ص ) ، وليقل : اللهم إني أسألك من فضلك ‘ وروى الأوزاعي قال : لما دخل عمر بن عبد العزيز المسجد الحرام قال : اللهم إنك قلت في كتابك : ومن دخله كان آمناً اللهم فاجعل أماننا عندك ، وأن تكفينا مؤنة الدنيا ، وكل هول دون الجنة . فإذا دخل المسجد لم يبدأ بشيء غير الطواف ، فيطوف بالبيت سبعاً . لرواية جابر بن عبد الله قال : ‘ دخلت مع رسول الله ( ص ) حال ارتفاع الضحى ، فلما أتى باب المسجد ، أناخ راحلته ، ثم دخل المسجد ، فبدأ بالحجر فاستلمه ، وفاضت عيناه من البكاء ، ثم رمل حتى انتهى إلى الركن الآخر فاستلمه ورمل ثلاثاً ومشى أربعاً ، فلما فرغ قبل الحجر ووضع يديه عليه ، ثم مسح بهما وجهه ‘ . وروى عبد الله بن عمر قال : كان أحب الأعمال إلى النبي ( ص ) إذا قدم مكة ، الطواف بالبيت . ولأن طواف القدوم تحية البيت ، كما أن الركعتين تحية المسجد ، ثم كان قاصد المسجد مأموراً بتحيته ، فكذلك قاصد البيت مأمور بتحيته .