الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج4-ص121
فإن قيل : فلو أمره بقتل صيد ، كان الجزاء على القاتل دون الآمر ، فهل كان الحالق مثله . قيل : الفرق بينهما : أن قتل الصيد استهلاك لا يعود على الآمر به نفع ، فاختص القاتل المتلف بوجوب الجزاء دون الآمر ، والحلق استمتاع يعود نفعه على الآمر ، فاختص بوجوب الفدية دون الحالق .
أما الكحل فضربان :
أحدهما : أن يكون فيه طيب ، فلا يجوز للمحرم الاكتحال به ؛ لأجل طيبه ، فإن اكتحل به افتدى .
والضرب الثاني : أن لا يكون فيه طيب ، فإن لم يكن فيه زينة كالتوتيا والأنزروت ، كان للمحرم الاكتحال به إجماعاً ، وإن كان فيه زينة وتحسين ، كالصبر والإثمد ، فمذهب الشافعي وأكثر الفقهاء : أن المحرم غير ممنوع منه ، وإن كان تركه أفضل له ، وخاصة المرأة ، إلا أن يكون لحاجة وليس بمكروه على كل حال .
وحكي عن عطاء ومجاهد : أن المحرم ممنوع منه ؛ لأن الإحرام عبادة تمنع من الطيب ، فوجب أن يمنع من الكحل ، كالعدة .
والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه : ما روي عن عمر بن عبيد الله بن معمر قال : اشتكيت عيني وأنا محرم فسألت أبان بن عثمان ، فقال : اضمدهما بالصبر ، فإني سمعت عثمان رضي الله عنه يخبر عن رسول الله ( ص ) بذلك وروي أن ابن عمر رمدت عينه وهو محرم ، فأمر أن يقطر الصبر في عينه إقطاراً ولأن الكحل ، إما أن يكون زينة ، أو دواءاً والمحرم غير ممنوع منهما ، فأما ما ذكروه من العدة فإنما منعت من الكحل ؛ لأنها تمنع من الزينة ، والإحرام لا يمنع منها .
قال الماوردي : أما اغتسال المحرم بالماء والانغماس فيه ، فجائز ، ولا يعرف بين العلماء خلاف فيه ، لرواية عبد الله بن حنين ، أن ابن عباس والمسور بن مخرمة ، اختلفا